لهذه الأسباب اخترت السيد صادق الشيرازي

TT

سألني صديقي: ترى لماذا اخترت سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الاعلى الامام السيد صادق الشيرازي كخلف للمرجع الشيرازي الفقيد؟ فأجبته:

أولا: انه، وقبل كل شيء، عالم فاضل، ومحقق نحرير وفقيه متبحر تشهد له على ذلك مخطوطاته ومؤلفاته ومحاضراته ودروسه الفقهية بالاضافة الى كبار رجالات الحوزة العلمية.

ثانيا: انه الامتداد الطبيعي لمرجعية الفقيد، ورث عنها العلم والحلم والفصاحة والاخلاق الحسنة والتواضع والمحبة في قلوب الناس والتصدي وسرعة البديهة وحضور الرأي والزهد والتقوى، ولكل ذلك فإن الرجوع اليه يعني بالتطابق الرجوع الى الفقيد بعينه، فهو يعتقد بما كان يذهب اليه الفقيد، خاصة في نظرياته الاستراتيجية واخص منها بالذكر «نظرية قيادة شورى الفقهاء والحرية والشورى ونظرية السلم او اللاعنف في العمل الاسلامي»، وهذا ما يميزه عن الآخرين، ان تقليده، يعني في ما يعني، الالتزام بالنظريات الاستراتيجية للفقيد ومواصلة منهجه الفكري الحضاري في الامة الاسلامية الذي طالما صرف الفقيد عمره الشريف من اجل تكريسه للحاضر والمستقبل لما كان يعتقده بأنه طريق الخلاص للأمة من التخلف والانحطاط والتمزق.

ثالثا: انه يحوز على اجماع قل نظيره في وسط الخط المرجعي، فهو الاقدر على جمع هذا الخط المبارك الذي توسعت قاعدته في السنوات الاخيرة الماضية بشكل كبير ولافت للنظر شملت مختلف دول العالم، كما انه الاقدر على صيانة وحدة الخط والحفاظ على هيبته من التمزق والتشتت، كما انه الاجدر بحفظ تراث الفقيد من منهج ومؤسسات ورجالات وقاعدة عريضة، وبشتى الشؤون ومختلف المجالات، لما يحوزه من ثقة عالية لدى الجميع وحب خاص وتقدير متميز، ولما يتصف به من اخلاق عالية وسعة صدر وقابلية قل نظيرها على الاصغاء الى الآخر.

رابعا: انه ـ وهذا امر مهم جدا ـ رجل معروف في الوسط الحوزوي العلمي، خاصة في مدينة قم المقدسة التي تحتضن اليوم ثاني اكبر حوزة علمية شيعية في العالم، وهو ذو علاقة وطيدة وواسعة مع المرجعيات والعلماء والفقهاء بناها طوال اكثر من عقدين من الزمن فهو معروف في الوسط المرجعي والحوزوي بعلمه وفقهه ويشهد له الوسط على ذلك وكل من حضر دروسه الفقهية، ومعروف مدى اهمية الوسط المرجعي والحوزوي في تشخيص المرجعيات وتحديد علمية الفقهاء وكل ما يتعلق بهذه الامور المهمة.

خامسا: انه ـ كالفقيد ـ يتمتع بسمعة طيبة وسيرة حسنة في الوسط الشعبي والرسمي، خاصة في البلدان الاسلامية وغيرها ذات الطائفة والجالية الشيعية الكبيرة لتبنيه ذات الاستراتيجية الفكرية والحضارية والمدنية التي خلفها المرجع الشيرازي الفقيد للأمة الاسلامية، ولذلك فإن تقليده لا يتسبب بأي مشاكل امنية او اجتماعية او غيرها، كونه غير متورط او مشجع لاعمال تخل بالامن العام او المصلحة العليا للامة، كما انه نظيف اليد غير متهم بأي قضايا مالية او ما اشبه، يشهد الجميع بنزاهته على هذا الصعيد، ومعروف ان الامة اليوم بحاجة الى مرجعية حكيمة في تصرفاتها موزونة في آرائها، ذات تاريخ ابيض ناصع، غير متشنجة متصدية لقضايا الامة الاسلامية من دون انفعال او تعصب جاهلي.

سادسا: انه يمثل الامتداد الطبيعي لعائلة الشيرازي التي تمتد استراتيجيا في عمق التاريخ والزمن، بما انجبت للأمة الاسلامية من فقهاء وعلماء وقادة تاريخيين غيروا في عدة حقب وجه التاريخ بمواقفهم الرسالية البطولية في العديد من دول العالم الاسلامي. ان من حق هذه العائلة الكريمة المجاهدة على الامة ان تحفظ تاريخها وتراثها وتكرم قادتهاورجالها ومراجعها، وتخلد ذكراها على مدى الزمان، خاصة انها ما زالت تنجب الرجال العظام الاشداء في ذات الله عز وجل من امثال المرجع الديني آية الله العظمى الحاج السيد صادق الشيرازي الذي خلف المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى الحاج السيد محمد الشيرازي، الذي كان قد اعطى كل ما يملك للأمة ولدين الله العزيز الجبار، اذ لم يوفر لحظة من حياته إلا وقدم فيها لدينه وامته ما استطاع الى ذلك سبيلا.

سابعا: واخيرا فإنه وصية المرجع الفقيد الذي قال فيه: «وبعد، فإن جناب آية الله الحاج السيد صادق الشيرازي بما لمست منه بلوغ مرتبة راقية في الاجتهاد ومقام سام في التقوى والعدالة، وجدته اهلا للفتيا والتقليد، والتصدي لما هو شأن الفقيه العادل، فيجوز تقليده والرجوع اليه في كل ما يشترط فيه من اذن المرجع العادل، واني اوصيه بمزيد التقوى والاحتياط الذي هو سبيل النجاة في عامة الاحوال، كما اوصي اخواني المؤمنين بالالتفاف حوله والاستفادة منه في شتى المجالات، والله ولي التوفيق والسداد، وهو المستعان».

لكل ذلك اخترت المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي خلفا للمرجع الراحل.