تعتيم الإعلام الغربي على الإرهاب المحلي

TT

هل التعتيم الاعلامي الغربي على من يرتكبون عمليات ارهابية من ابناء جلدتهم، ظاهرة دائمة ام مؤقتة؟

فعندما حدثت تفجيرات اوكلاهوما الشهيرة لم يتناولها الاعلام الاميركي بالزخم نفسه الذي تناول به اقل الاحداث التي كان مسلمون او عرب طرفا فيها، وما حادثة فلوريدا الاخيرة إلا خير شاهد على ذلك، لماذا؟ هل لأن المتسبب في هذا الحدث اميركي الاصل، ابيض البشرة؟ ام لأنه ليس عربيا او مسلما؟

الإعلام الغربي (والاميركي على وجه الخصوص) يتناول هذا الحدث بلمسات من التعاطف فنجد ارهابيا طفلا يدعى تشارلز بيشوب، كان يبدي لاصدقائه تعاطفه مع بن لادن والعمليات الانتحارية التي ضربت نيويورك وواشنطن. تقول مقالة نشرت حول هذا الموضوع: كان المراهق (المسكين) طالبا في مدرسة «ايست ليك العليا» ويتدرب على الطيران في «الاكاديمية الوطنية للطيران» مقابل قيامه بغسل طائرات التدريب في الاكاديمية، وفيما كان يستعد مساء السبت لدروس في الطيران سرق (الولد الطيب) طائرة صغيرة بمحرك واحد تتسع لاربعة اشخاص من طراز سيسنا، وحلق بها في سماء مدينة تامبا قبل ان تسارع مروحية من خفر السواحل في محاولة لاعتراضه. لنتخيل ان هذا الطفل عربي ابيض اميركي الاصل، او انه مسلم (عربي) من اولئك الذين ساعدوا كولومبس على اكتشاف اميركا، هل سوف يعامله الاعلام الاميركي بالطريقة نفسها الراقية التي تناول بها حادثة (الطفل الطيب) بيشوب، ام انه سوف يضخم الحدث ويجعله مؤامرة على الحريات والنظام في اميركا، فيبدأ بسرد المسميات والالقاب (السيئة) التي لا يجاريه فيها احد، ثم يبدأون بابتزاز الحكومات وتوجيه الضربات للبلد الذي خرج منه اجداد تشارلز بيشوب، حتى لو كان خروجهم من مواطنهم الاصلية قبل خمسمائة سنة، ذلك لانهم وجدوا مخطوطة من جلد (يعتقدون بأنها وصية) كتبها اجداد بيشوب بعبارات دينية.

ميزان الارهاب تخف كفته ويكون ارهابا حميدا عندما يقوم به الرجل الاميركي الابيض. بل في بعض الاحيان يصبح حقا من حقوق اميركا لممارسته على من يخالفها الرأي، اما عندما يكون دفاعا عن النفس وطرداً للمحتل الذي هدم البيوت وأحرق المزارع وقتل الاطفال، فإن كفة الميزان تثقل وتسقط على الارض ولن ترفع ابدا، فقط لان هذا المدافع عن حقه مسلم او عربي، وما اطفال الانتفاضة عنا ببعيد فهم ارهابيون لانهم ليسوا من ابناء جلدة الطفل بيشوب ولا يدينون بدينه ولا يحملون عقيدته، وما حادثة اختطاف الجيش الاسرائيلي للاطفال الفلسطينيين وتعذيبهم وسرقة اعضائهم، ومن ثم قتلهم إلا مثال حي على هذا التعصب الغربي لمبادئه، حيث يعتبر هذا دفاعا عن النفس الاسرائيلية التي هي اثمن واكرم من ان تمس وذلك لانها غربية المنشأ والاصل والولادة، انه معيار معكوس رأسا على عقب.

انه نظام عالمي جديد تحاول ان تفرضه اميركا وحليفتها اسرائيل على العالم، نظام يحلل الارهاب (النووي) لاسرائيل المستعمرة لارض فلسطين، ويحرم حمل المسدس او الحجر لمحاربة هذا المحتل.