الأسباب الحقيقية لظاهرة تطرف المسلمين الأوروبيين

TT

في الحرب الاميركية على افغانستان كشف النقاب عن ظاهرة جديدة هي انتشار التطرف الديني بين بعض المسلمين الذين اعتنقوا الاسلام في الغرب. فقد تم اعتقال عدد من الاوروبيين وهم يحاولون التسلل الى افغانستان للمشاركة في الحرب ضد القوات الاميركية، كما تم اسر عدد منهم واستشهد بعضهم في المعارك والقصف الجوي. ويتهم هؤلاء بأنهم اعضاء في منظمة القاعدة. ما هي دوافع هؤلاء الشباب الاوروبيين التي تجعلهم يتركون بلدانهم واسرهم واعمالهم ومجتمعاتهم ليذهبوا الى ساحات القتال ويواجهوا مصيرا قاتما؟ لنأخذ بعض النماذج بحثا عن اجابات:

ـ دينيس ي (19سنة) شاب الماني اعتنق الاسلام منذ مدة وجيزة، اعتقلته السلطات الباكستانية وهو يحاول التسلل الى اراضيها عبر افغانستان. تدخل رجال التحقيق الالمان ورجال مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي مباشرة للتحقيق معه، فيما تولى السفير الالماني في اسلام أباد وضعه تحت رعاية القنصلية الالمانية في بيشاور. ويعتقد المحققون انه متورط في علاقة مع منظمة القاعدة.

ـ جون فيليب ووكر (سليمان عبد الحميد) (20 سنة) ينتمي الى اسرة كاثوليكية اميركية من الطبقة الوسطى تسكن في واشنطن. والده يعمل محاميا لدى شركة مقرها في سان فرانسيسكو، ووالدته مصورة فوتوغرافية. اعتنق ووكر الاسلام وعمره 16سنة بعدما تعرف على الاسلام في مركز «ميل فالي» الاسلامي. وكان قد تأثر بكتاب «سيرة مالكوم إكس». ثم قرر دراسة الاسلام واللغة العربية في اليمن، فأقنع والديه بالذهاب الى اليمن والدراسة في مدرسة اسلامية، لأنه كما يبدو شعر بصعوبة ممارسة تعاليم الاسلام فأراد الذهاب الى بلد اسلامي. بعد عامين (1999) وبينما كان يزور بلده قال لوالديه إنه قرر العودة الى الولايات المتحدة من أجل دراسة الطب، ثم الانتقال بشكل دائم الى باكستان، حيث يمكنه الاستمرار في رحلته الروحية، وكذلك رعاية الفقراء. بعد ثلاثة اشهر بعث لهما من شمال غرب باكستان، حيث كان يدرس في مدرسة اسلامية متخصصة، برسالة عبر البريد الالكتروني يخبرهما فيها انه قرر الانتقال الى مكان اكثر برودة خلال الصيف. وظل والداه يجهلان مكان وجوده حتى ظهرت صورته في فيلم بثته شبكة CNN حيث كان واحدا من الناجين من التمرد الدامي في قلعة (غانجي) وقد كان أحد أسرى القلعة.

ـ نيكولاس ايمري (عيسى عبد الله) بريطاني مسلم، وهو جندي في سلاح المدرعات البريطانية. اعتنق الاسلام قبل اكثر من عام. بعد احداث 11 سبتمبر هرب من الخدمة ولم يراجع ثكنته العسكرية، مما جعله مطلوباً من الشرطة العسكرية لالقاء القبض عليه والمثول امام محكمة عسكرية.

وذكر نيكولاس انه قد تعرض لكثير من المضايقات من زملائه الضباط والجنود بعد احداث 11 سبتمبر بسبب معرفتهم باعتناقه الاسلام وأدائه شعائره.

قال نيكولاس: كثيرا ما فكرت، بعد ان اتخذت قراراً بعدم العودة الى الخدمة العسكرية، عما سيكون عليه مصيري اذا ما اضطررت للذهاب الى افغانستان ضمن قوات التحالف الدولي التي تحارب حركة طالبان.

ويلاحظ علماء النفس، خاصة سيكولوجيا الديانة، ان الفرد الذي يغير دينه او مذهبه يظهر حماسة شديدة للدين او المذهب الجديد، فتراه يتحدث بقوة ويدافع عنه بضراوة، وانه يسعى لهداية الآخرين من اصدقائه او عائلته او اقاربه الى الدين الجديد.

من جانب آخر يلاحظ ان الغربيين الذين يعتنقون الاسلام يعانون كثيرا في المرحلة الاولى حيث تتعرض علاقاتهم مع اهليهم للتوتر ثم الانقطاع فيعيشون ظروفا اجتماعية صعبة تتمثل في فقدان الجو الاجتماعي الحميم والعلاقات الدافئة مع الآخرين.