العنف ضد المدنيين ومتغيرات ما بعد 11 سبتمبر

TT

كتب فهمي هويدي في «الشرق الأوسط»، بتاريخ 11 فبراير، موضوعا بعنوان «ليس عنفا. وليسوا مدنيين»، طالب فيه المسؤولين العرب بالكف عن أمرين، وهما، مطالبة الفلسطينيين بوقف المقاومة (العنف)، وإدانة عمليات المقاومة حتى ضد المدنيين. وأنا اتفق مع كثير مما قاله وما قدمه من مبررات. ولا اعتقد أن أحدا فعلا في العالم العربي أو الإسلامي يملك عينا مبصرة أو ضميرا لم يمت بعد يختلف حولها معه، لو كان الامر على ما صوره الأستاذ هويدي، ولو كان الجميع ينطلقون من التقدير نفسه في التعامل مع القضية الفلسطينية، سواء في منطقتنا أو في العالم. فالصورة أمام العالم ليست بهذا الوضوح والبساطة. وما اقصده هو أن الكثيرين يتعاملون مع طرفي النزاع من منطلق أن أحدهما دولة قائمة ومعترف بها، وهي عضو في هيئاته الدولية المختلفة، وليس كيانا مغتصبا يحتل اراضي مطلوب منه إعادتها إلى اصحابها. بل أن هناك دولا عربية واخرى اسلامية تعترف باسرائيل. والأكثر من ذلك أن هناك مبادرات سلام ومفاوضات ومعاهدات وقعها الفلسطينيون وايدها العرب والمسلمون ما عدا قلة محدودة جدا. لذا يجب ان تتركز المقاومة، في الأراضي التي تم الاتفاق على أنها محتلة، والتي جرى وسوف يجري التفاوض حولها، حتى يستطيع العالم ان يساعدنا، وطالما أننا تنازلنا، ولو مرحليا عن كل حقنا. أما بالنسبة للمدنيين، فإن فيهم كبار سن من رجال ونساء وأطفال ليسوا محاربين. واما من استجلبوا من الخارج وتملكوا بيوتا فهم أناس غرر بهم، فهم هربوا من وضع سيء على أمل أن يعيشوا في وضع افضل. انني اشك في انهم يعلمون حقيقة الأمر الذي ينبغي توضيحه لهم. ثم انه يجب أن يؤخذ أيضا في الاعتبار، ونحن نتحدث عن مشروعية المقاومة والعمليات الاستشهادية، بعض تلك الفئات من الإسرائيليين الذين يؤيدون السلام ويتعاطفون مع الفلسطينيين، وندعم هذا التوجه، الذي يجب ان تستغله مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني. وهناك امر أخر هام لا أظن انه يخفى على هويدي، وهو التكتيك الذي كان على جماعات المقاومة الفلسطينية ان تتبعه بعد الحادي عشر من سبتمبر. فعالم السياسة عالم متغير، ولا يعني ذلك أن نترك المقاومة أو نحرمها، ولكن كان المطلوب مراعاة تلك الظروف والأحداث والمستجدات والتداعيات، واعطاء وقت اكبر للجهود السلمية. فقد صبرنا خمسين عاما ، فهل كان يعجزنا أن نصبر شهورا قليلة نركز خلالها أعمال المقاومة على أهداف من نوع معين لا يجلب علينا سخط العالم ويفقدنا تعاطفه.