الهيمنة الإمبراطورية وحدود القوة

TT

بانهيار الاتحاد السوفياتي، سقط نظام القطبين الذي كان يسيطر على العالم، وظهر نظام القطب الواحد، واصبحت في العالم قوة واحدة هي الولايات المتحدة الاميركية، الدولة الوحيدة ذات الجبروت والعظمة التي لا تجاريها اية قوة اخرى كما كان في السابق، حتى الاتحاد الاوروبي الفتي، لم يستطع حتى الآن الظهور كقوة عظيمة يشار اليها بالبنان، وترسخ هذا النظام الجديد اكثر واكثر، بعد ازمة الخليج الثانية، عندما قادت الولايات المتحدة اكثر من ثلاثين دولة في حرب تحرير الكويت. ومن الواضح ان نجاح الولايات المتحدة في قيادة هذا العدد من الدول اعطاها الثقة بالنفس والحافز على التوسع في مجال السياسة الخارجية مخالفة بذلك كل الاصوات السياسية الداخلية التي تنادي بعدم التدخل الكبير في المشكلات الخارجية وفي الازمات الدولية، ومنذ ذلك الوقت، نجد الحضور الاميركي كبيرا وواضحا في كثير من المسائل الدولية بدءا من مؤتمر مدريد ومرورا بأزمات البلقان وحتى محاولات الادارة الاميركية توسيع نطاق الحرب الحالية ضد الارهاب لتشمل اكبر عدد من الدول التي لا تحظى بقبول تام في الاوساط السياسية الاميركية. لكن بالرغم من هذا التفوق الأميركي الواضح وهذه القوة الجبارة التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها، يتبادر للذهن سؤال بسيط هو هل استوعب المفكرون والقادة الاميركيون دروس التاريخ؟ هل غاب عن اذهانهم وهم يمعنون في التدخل في المشاكل العالمية، وفي لعب دور شرطي العالم؟ ان احد الاسباب التي ادت الى انهيار الامبراطوريات السابقة هو محاولاتها البائسة لبسط سيطرتها على جهات الكون الاربع.

لا احد يعتقد ان هذه التساؤلات والحقائق التاريخية قد غابت عن المنظرين السياسيين وعن الادارات الاميركية المتعاقبة، وبالذات بعد الحرب العالمية الثانية التي دشنت الولايات المتحدة من خلالها، توسعها في السياسة الخارجية ليتعدى دورها بذلك قارة اميركا الشمالية ولتشمل تدخلاتها كافة الازمات الدولية في جميع اصقاع الارض، ليس من اجل حماية حقوق الانسان كما يدعي الساسة الاميركان وانما حسب ما تقتضيه مصالحها.

وباختصار لا توجد، اليوم، اية قوة تنافس القوة الاميركية ولا يوجد في العالم سوى حكم واحد تلجأ اليه الدول إلا واشنطن، وان العقد المنصرم كان عقدا اميركيا صرفا، هذه حقائق لا يمكن انكارها او تجاهلها، لكن هل سيكون العقد الحالي والعقود التي تليه اميركية ايضا؟ هل سيبقى العالم خاضعا لنظام القطب الواحد؟ ام ان تعرض الولايات المتحدة لهجمات ارهابية في 11 سبتمبر هو بداية النهاية لها كامبراطورية عظمى؟