قتل ثائر ينبت ألفاً

إرهاصات كثيرة تبشر بنقلة نوعية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي

TT

مع كثير الامتنان لصحيفة «الشرق الأوسط» الغراء، في ما تضطلع به من تغطية شاملة لأنباء الغزو الاحتلالي الصهيوني على إخواننا المناضلين في فلسطين المحتلة في هجمة شرسة تستهدف حياة الإنسان الفلسطيني وأرضه ومقدّراته، بل تستهدف قبل ذلك كل الاتفاقات التي تواضع عليها المجتمع الدولي في سعيه لحل هذه القضية العادلة، إلاّ أننا نفتقد، وإلى حد بعيد، في مقالات الرأي بالصحيفة، إرهاصات التبشير بالنقلة النوعية في مسيرة هذا الصراع المرير لأجل رد الحقوق لأصحابها.. تلك الإرهاصات والإيماءات التي لا تخلو منها العديد من وسائط الاتصال الجماهيري الأخرى في الساحة العربية، سيّما أن «الشرق الأوسط» تعلن في صدر صفحتها الأولى بأنها جريدة العرب الدولية.

لعله من سخرية الاقدار، انه ومع تبني القمة العربية الأخيرة في بيروت لمبادرة سلام عربية تستند في غالبها الأعم إلى قرارات الشرعية الدولية الخاصة بقضية هذا الصراع، كذلك إعلان السلام كخيار استراتيجي للقادة العرب، إلا أن اليمين الإسرائيلي المأزوم، مسنودا ببعض اليسار، ومدعوما من الادارة الأميركية ـ كعادتها ـ قد طفق كإعصار مدمر يجتاح معظم الأراضي الفلسطينية في حرب شعواء لا هوادة فيها. ومع ضبابية الموقف العربي الرسمي وعلو صوت الشعوب العربية والإسلامية، فإن الجانب الأوروبي لم يجد بدا من القيام بالنقد الخجول لإسرائيل ومحاولة تلطيف فجاجة المواقف الأميركية، والإدارة التي لم تفتأ تطالب بوقف العنف بين الجانبين، وتعيد تعهداتها بضمان أمن إسرائيل وتعبر صراحة عن تفهمها للدمار الذي تقوم به إسرائيل وأنه دفاع عن النفس! بل تلوم أبا عمار بأنه المسؤول عن هذه المحنة.. كل ذلك دون أدنى اهتمام بالعلاقات العربية ـ الاميركية.

لا ريب ان المحصلة النهائية لهذا العدوان الإسرائيلي المدجج بالسلاح الأميركي على شعب فلسطين الأعزل، لتظهر بجلاء في عدة محاور، أولها أن خيار المقاومة العربية لا بد أن يكون قرينا لخيار السلام، كذلك تتبدى بكل الوضوح أهمية تفعيل رغبات الشعوب العربية والإسلامية في قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع هذا الكيان الغاصب، فضلا عن ذلك، فإن الضرورة تملي على القائمين بالأمر بحث مسألة العلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية طالما كانت إداراتها السياسية المتعاقبة تصر على لوم الضحية وتقريظ الجلاد.. وتلوّح بجريرة الإرهاب في وجه كل طالب حتى ترضى عنه سيدة النظام العالمي الجديد.

إننا نحيي الصمود الفلسطيني الشجاع على ارضه، ونأسى كثيرا على رتل الضحايا الذي لا يزال متواصلا كتواصل الصمت الدولي المريب، وإن كانت الأسرة الدولية ومعها الجانب العربي الرسمي تعوّل كثيرا على التحركات الاميركية الاخيرة لحلحلة الوضع، إلا أن حل القضية الفلسطينية لم يعد رهنا براع أميركي منحاز لإسرائيل، ومهما طال ليل الظلم فإن فجر الخلاص سيطلّ لا محالة.