الصحافة ومعارك الرأي

TT

تمر على المجتمعات قضايا وظروف تنبري فيها الأقلام وتسود صفحات الجرائد والمجلات وتظهر المانشتات العريضة المثيرة التي تجذب القراء بسبب اختلاف وجهات النظر إزاء القضايا والأحداث. ونجد أنفسنا أمام معركة حقيقية بين أصحاب الفكر والرأي سواء كان في مجال السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو المبادئ أو العقائد وغير ذلك من القضايا التي تحتدم فيها معركة الأقلام. وربما نقول إن من طبائع الأمور ان الاتفاق على الأحداث الكبيرة غالبا ما تتبعه خلافات حول الوسائل والاهداف والممارسات اللاحقة، غير أن الخلاف هنا يزيد على نحو مثير وبدرجة تتماثل مع حجم الاجماع الذي أمد روح المسؤولية، وقد يكون حصر قضايا الخلاف متعذرا، إلا ان جوهرها في فهم دلالة الصحافة وسمة الحوار، من دون الإساءة والقدح والنبذ، وإلغاء الآخرين، بغرض الكسب سواء كان مغنماً مادياً أو معنوياً لمجرد الشهرة.

ففريق ينظر لها ويفهمها كهدف سام وواجب مقدس وضمير حي يحتم التحري والتدقيق دون عمد إلى استغفال القارئ أو افتراض الغباء فيه، في ما يطرح عليه أو يتلقى، وأمانة الكلمة ووقعها على المسؤولين وتأثيرها سلبا أو إيجابا، وآخر ينظر لها كمغنم يسعى من خلاله إلى الكسب المادي دون النظر لما قد يترتب على ذلك، من تقليل لشأنه أولا، ولصاحبة الجلالة «الصحافة» ثانيا. بين هؤلاء وأولئك تتمايز المواقف وتختلف التصورات والرؤى، لكن للأسف ان الاتجاه الغالب في عصرنا المادي هو بيع المرء لمبادئه وضميره بحفنة من المال. ومن الأسف أن الطبيعة السياسية للدول العربية ما انفكت تجمع كل عناصر القوة في يد المسؤولين، حيث يتعذر توظيفها أو جزء منها لتعزيز التوجه نحو المستقبل. ويسود قدر كبير من سوء توزيع الموارد والثروات مما يؤدي الى تراجع التنمية وانتشار الفقر.

ولا نبالغ إن قلنا إن الخوف بدأ يجتاح المنطقة، وان الإحساس بالأمان قد قارب التلاشي.