شارون وقمة الحسم العربية

TT

أتابع ما يجري على صفحات «الشرق الأوسط» من مناقشات، خصوصا حول القمة العربية التي عقدت في العاصمة اللبنانية بيروت في أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، وتمخضت عنها عدة قرارات وتوصيات من بينها مبادرة عربية جماعية سوف تتبناها جامعة الدول العربية تتقدم بها إلى مجلس الأمن باعتبارها مبادرة عربية لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط. وأود القول بأن هذه المبادرة التي هي في بدايتها مبادرة ولي العهد الأمير عبد الله، هي فرصة أخيرة لإسرائيل وآخر نقطة يمكن أن يصل أو يقف عندها العرب في تنازلاتهم، لا ضعفاً، لكن حباً للسلام وحسماً للنزاع الذي لا طائل من وراء استمراره.

إسرائيل من جانبها ردت على المبادرة العربية بالرفض وسخرت من قرارات القمة، وردت عليها بأساليبها العدوانية المعروفة، مستخدمة الدبابات وطائرات الـ «اف ـ 16» و«الاباتشي» والصواريخ، واعادة احتلال اراضي السلطة الفلسطينية ضاربة بقرارات مؤتمرات أوسلو ومدريد وما تلاها من قرارات دولية أو إقليمية عرض الحائط، وأخيراً وليس آخراً، تهدد بترحيل الفلسطينيين قسراً وبالقوة إلى الدول المجاورة مثل الأردن ومصر، لكي تقوم باحتلال جميع الأراضي الفلسطينية وإخلائها من أصحابها الشرعيين وإحلال دخلاء مكانهم، ولن تقف إسرائيل عند هذا الحد فأطماعها التوسعية أبعد من ذلك، لكنها كمن يحفر قبره بنفسه، طال الزمن أو قصر، فأحفاد صلاح الدين كثيرون وما النصر إلا من عند اللّه العزيز الحكيم.

إن المبادرة العربية تعتبر حسماً للنزاع بين العرب واليهود المستمر منذ عدة عقود. ان استمرار الوضع في الشرق الأوسط على ما هو عليه، ينذر بانفجار المنطقة وجوارها، وعواقبه وخيمة ونتائجه سيئة، ويتطلب وقفة عربية وإسلامية لإخراج الإسرائيليين من جميع اراضي فلسطين والجولان ومزارع شبعا بالقوة. ان هؤلاء اليهود لن يسلموا فلسطين لنا على طبق من ذهب، ولن توفر لنا الأمم المتحدة ومجلس الأمن النصر، فالنصر هو من عند اللّه. فمنذ إنشاء عصبة الأمم المتحدة عام 1945، لم تقدم لنا شيئا غير رفع الأيدي أو خفضها عند التصويت، وهناك أطنان من الورق تحمل قرارات وتوصيات وشجباً وإدانة لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه. ان الأمم المتحدة تسير في فلك الدولة الكبرى وتنتظر الإشارة من البيت الأبيض في واشنطن لتأتمر بأمره، والواقع يؤيد ذلك، فعندما تنفجر قنبلة بشرية فلسطينية تقتل وتجرح عدداً من اليهود، ينبري راعي البيت الأبيض وأركان حكومته شاجبين ومستنكرين، قائلين إن من حق إسرائيل أن تدافع عن شعبها بما أوتيت من قوة، فتجابه حجارة الفلسطينيين والسلاح الأبيض بأحدث الأسلحة الفتاكة. وعندما تقتل هذه الأسلحة المئات من الفلسطينيين، فإن البيت الأبيض ومن سار في فلكه يطلبون من إسرائيل ضبط النفس، أي بعبارة خفية قتل الفلسطينيين بدم وأعصاب باردة وعلى مراحل، حتى تفريغ فلسطين من أبنائها. ان مجرم القرن شارون وأعوانه لن يهدأ لهم بال ولن يقر لهم قرار ما دام هناك شعب في فلسطين.