من ابن حزم إلى أم كلثوم

TT

* تعقيبا على مقال سمير عطا الله «ابنة حزم»، المنشور بتاريخ 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أقول: إن الحديث عن الراحلة أم كلثوم، التي تعتبر رمزا للإبداع الفني، وواجهة مشرقة للحضارة العربية النامية، حديث شيق، متنوع، يجري على لسان كل ذي ذائقة فنية مرهفة. لكن ثمة اختلافا كبيرا بين الحب الذي سطره ابن حزم في كتابه الأثير «طوق الحمامة»، وهو سرد من أدب العاطفة المشبوبة، يفتقر إلى التفاعل الحي، ويكشف فقط عن سياق حياتي متكامل عن الحب وأوصافه، وما يعتريه من قوة التفاعل أو ضعفه بين المحبين، في حين نجد المبدعة أم كلثوم تغني تجربة معاناة حسية صادقة، تترك أثرا انفعاليا قويا في نفوس المستمعين، وهي تفعل ذلك بعفوية مباشرة وتلقائية نادرة. ولعل من أطرف ما يذكر حول هذه العلاقة المتينة المتواصلة بين الفنانة الراحلة وسائر المعجبين بفنها الجميل، هو أن الشيخ محمد عبد المطلب، الذي كان حجة في الأدب واللغة (توفي عام 1931)، وصف أم كلثوم حين سمع أغنيتها «أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا»، قائلا: وقفت فكان على الدجى أن يخشعا / وعلى الحمام الورق أن يسمعا. وترنحت فكأن أغصان الربى / سقيت سلافا بالنسيم مشعشعا. تشدو وقد ملك الوفاء فؤادها/ «أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا».. إذ أنشدت «ملك الفؤاد» سمعت من/ تلقاء قلبك «ما عسى أن أصنعا».

زيدان خلف محيي اللامي - العراق [email protected]