في ذكرى ديكنز

TT

* تعقيبا على مقال خالد القشطيني «حياة مع الخيال» المنشور بتاريخ 9 فبراير (شباط) الحالي، أقول: السبب المهم لواقعية ديكنز في أدبه هو معاناته في طفولته ومرارة العيش التي صورها في مؤلفاته التي كانت تؤرخ بدقة متناهية العصر الفيكتوري إلى درجة جعلت الكثير من النقاد في تلك الفترة يعتقدون أن المبالغة في وصف المشاهد طغت على الواقعية، لقد حاول الكثير من الكتاب العرب تقليده، وخاصة في مصر، ولكنهم ابتعدوا كثيرا عن الواقع، والسبب هو كونهم من طبقات برجوازية ليست لها أي علاقة بحقيقة المعاناة اليومية من شظف عيش الغالبية، وعلى سبيل المثال حاول توفيق الحكيم في مسرحياته وصف الفوضى في الحياة السياسية ولكنه ابتعد كثيرا عن الواقع لمبالغته في الرمزية وخاصة في «أهل الكهف» و«مصير صرصار» و«صلاة الملائكة» وغيرها، أي أن المسرح الذهني غلب على الواقعية التي حاول الحكيم جاهدا تصويرها للقارئ الذي يحاول أن يتقمص ويعيش حياة أبطال الرواية التي تعكس الواقع دون رتوش أو مبالغة كما في كتابات «غائب طعمة فرمان» الذي استطاع موفقا نقل الواقع العراقي في كتاباته وبكل انسيابية. أي أن الواقعية في الكتابة تأسر المتلقي الذي يجد فيها نفسه وفي تفاصيلها انفعالاته ومعاناته كمرآة لحياته اليومية وهذا ما نجح فيه ديكنز في نقل الواقع.

سامي البغدادي - تورينو [email protected]