تعقيبا على مقال عادل درويش «بكالوريوس سيزيفي في حكم الشعوب»، المنشور بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أقول: حقيقة واقعة ومريرة هي ابتلاء البلد بمجموعة من هواة السياسة والذين لا يعرفون عنها شيئا غير ما يمس العواطف دون أن تلمس لب الواقع، فنحن نعيش في حالة من الافتراضية نحارب طواحين هواء اخترعناها، ثم نكتشف بعد فوات الأوان أننا كنا مغيبين تماما وأن قطار الحقيقة قد فارقنا منذ زمن كبير ويستوي في هذا الإخوان مع من يسمون أنفسهم بالنخبة المدنية، وكذلك حكامنا منذ ناصر وحتى مبارك، فناصر عاش في وهم القومية العربية وقاد ثورات وكفاحا أدى إلى هزيمة نكراء في 67 وضياع كل مكتسبات الدولة، لنجد أنفسنا على حافة الضياع ليأتي السادات ويعيش في وهم تديين الدولة، فكان اللعب بالدين وخلطه في السياسة ليجد نفسه مقتولا على يد من شجعهم وأوهمهم أنه الرئيس المؤمن الذي سيضمن لهم الجنة، ثم يأتي مبارك وبدلا من مواجهة الواقع حكم البلاد بخليط من العلمانية وتشجيع تديين الدولة، وكان أن نشأ الفساد في وسط مجتمع يدعي التدين، وهي علاقة غريبة وغير واقعية ثم سقط مبارك ليبدأ الصراع بين الإخوان وسلفييهم مع قوى مدنية لا تعرف الاتفاق، فكانت المحصلة دولة على حافة الحرب الأهلية ولن ينقذها إلا الخروج من وهم الخيال والعيش بواقعية.
د. ماهر حبيب - كندا [email protected]