رسالة إلى المحرر : الاغتيال السياسي ليس الحل

سميرة يوسف - لندن

TT

هل تعتقد أن من خالفك الرأي عدو لك؟ وبتصفيته، تهيمن آراؤك وتنتصر؟

أنت تثور وتقول: «لا».. أنت أشعلت نار الثورة.. «الربيع العربي» لم تنضج ثماره بعد، وثمن الحرية وبناء دولة ديمقراطية، يتعايش فيها آبناء الوطن الواحد في ظل نظام يحافظ ويحترم حقوقهم، وينتمون إليه بفخر - ما زال في بداية خطواته نحو المستقبل.

شهدت الساحة التونسية يوم الأربعاء اغتيال السياسي والحقوقي التونسي شكري بلعيد الأمين العام لحزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، مما أثار سخط الشارع التونسي واستياءه. وتعتبر عملية الاغتيال هذه هي الأولى في تاريخ تونس الحديث، فهل تكون الوحيدة من نوعها؟ أم ستشهد تونس الخضراء سلسلة من الاغتيالات المتتالية كما حصل في تاريخ لبنان السياسي منذ اغتيال النائب معروف سعد عام 1975؟ وهي جريمة كانت من اسباب اندلاع الحرب الأهلية وما شهدته الساحة اللبنانية من عمليات اغتيالات وتصفيات جسدية طالت جميع أطراف الوطن الواحد بجميع طوائفه وتياراته السياسية؟

مع بداية الربيع العربي في أواخر 2010 التي انطلقت شرارتها من تونس وحتى الآن، ما زالت الساحات العربية مضطربة ومشوشة، وباعتقاد كثيرين أنها لم تنجح أو ربما كانت ثورات مفبركة تحت مسميات مختلفة.

كل ذلك لا أهمية له الآن، الأهم بنظر البعض أن إيجابية الربيع العربي تكمن في تعرية بعض الأنظمة التسلطية وسقوطها، وفي كسر جدار الخوف ونزول الإنسان العربي إلى الشوارع والساحات. ولكن المؤسف أن البعض يظن أن الاغتيالات السياسية لغة حوار مقبولة في عصر حرية الحوار بعد طول صمت اضطراري.

بالأمس، اغتيل بلعيد.. واغتيل قبله الكثير من قياديي وسياسيي ومفكري بلدي لبنان. وماذا بعد؟ ما الذي تحقق؟ وفكر من سيطر وانتشر؟ من اندحر ومن انتصر؟

كثر ذهبوا، وربما انصفهم التاريخ وربما لا. ولكن، بموتهم لم ير القاتل أنه قتل زوجا وأبا وأخا وابنا ومواطنا، لم ير في الحقيقة أنه قتل إنسانا لكنه لم يقتل الفكر والمستقبل.. أنه قتل رب عائلة وحدها لن تنساه وستبقى ذكراه عند شروق كل شمس ومغيبها، وتبقى حرقة القلب؛ لماذا زوجي لماذا أبي؟!