رسالة إلى المحرر: ليت الإبراهيمي يتنحى عن مهمته في سوريا

محمد خضر - عمان

TT

* اضطرار رئيس الائتلاف الوطني السوري لتقديم مبادرة حوار جديدة لنظام بشار الأسد، بعدما سخر النظام من مبادرته الأولى في الأسبوع الماضي، دليل على الضغط الهائل الذي تتعرض له الثورة السورية والذي يهدف إلى إجبارها على تقديم تنازلات مؤلمة لا يعلم إلا الله أين ستنتهي؟ وكيف ستنتهي؟

السوريون بعد كل التضحيات التي قدموها والوعود التي تلقوها من المجتمع الدولي لا يجدون اليوم من نصير لهم سوى بعض الدول العربية والإسلامية، أما الآخرون فقد نفضوا أيديهم من القضية، وفي الوقت نفسه تجدد إيران وروسيا والصين تأكيد موقفها الداعم للنظام ضد أماني الشعب السوري.

أظن أن السيد الأخضر الإبراهيمي يعرف تفاصيل المواقف الدولية، وربما كان الإبراهيمي هو مصدر المعلومات التي دفعت معاذ الخطيب للقول إنه ليس للدول الكبرى أجندة لسوريا، أي ليس عندها أي سياسة جدية، ما يعطي الانطباع بأنها مستعدة لترك الشعب تحت رحمة نظام مدجج بالسلاح والذخائر يقمعه بالقوة على مرأى من العالم بلا خوف أو وجل منذ عامين تقريبا.

السيد الخطيب قدم في مبادراته الثانية إلى النظام تنازلين مهمين يتجاهل الأول شرط إطلاق السجينات، ويوافق في الثاني على مفاوضات داخل سوريا، لكن في الأراضي التي يقول الثوار إنها محررة، لكن السيد الخطيب لم يضع مهلة هذه المرة للمبادرة الثانية بعكس الأولى، وكذلك لم ينتبه إلى أن الطيران العسكري السوري ما زال يسيطر على سماء البلاد وقادر على القصف حيث يريد وهو ما يسقط وهم المناطق المحررة.

مسألة ثانية تعيب مبادرة الخطيب الثانية، هي أنه ما زال يغطي نفسه ومبادرته بالقول إنها تشترط حلا سلميا يقوم على زوال النظام، هذا كلام يفتقر إلى الجدية. فهل، بكل صراحة، يتوقع الخطيب من نظام قتل حتى الآن نحو 100 ألف سوري أن يفاوض ثوارا لا يعترف به على التخلي عن الحكم؟ ولماذا يفاوض إذا كان يشعر أنه في موقف عسكري أقوى كما قال مؤخرا نائب وزير الخارجية فيصل المقداد؟ الحقيقة المرة التي يريد السيد الخطيب أن يتجاهلها هي أن هناك مؤامرة على الثورة السورية من قبل المجتمع الدولي الذي يفضل تقسيم وتدمير سوريا على سقوط نظام الأسد. ومع هذا، لا أظن أن الخطيب المغلوب على أمره يلام على مبادراته الفاشلة سلفا في هذا الوقت الصعب، وليس أمامه إلا أن يجرب إحراج أصدقاء النظام بقبوله فكرة التفاوض مع أن مثل هذه المبادرات ستزيد من خلافات المعارضة وتضعف الثقة بين القوى المشاركة بالثورة. لكن من يستحق اللوم بالفعل هو السيد الأخضر الإبراهيمي الذي يواصل الضغط على الثورة السورية، بينما كان أفضل له لو فعل ما فعله كوفي أنان من قبله وتخلى بشرف ومسؤولية عن مهمة صارت أشبه بالمؤامرة.

ليس السيد الإبراهيمي مضطرا للتواطؤ أكثر على حق الشعب السوري بالحرية والكرامة، فيا ليته يتنحى ويترك المتآمرين على سوريا وجها لوجه مع ضحاياهم بدلا من مواصلة التستر عليهم وعلى تآمرهم.