أساسيات نجاح أو فشل مؤتمر الحوار الوطني اليمني

TT

نجاح أو فشل مؤتمر الحوار اليمني يعتمد كليا على القيادة السياسية الحالية، التي جاءت إلى السلطة بموجب المبادرة الخليجية، وأعضاء مجلس الأمن، حتى لا يقع اليمن فريسة حرب أهلية، وتنهار الدولة، وتتحول إلى دويلات ممزقة، تؤثر على أمن المنطقة.

ويمكن القول إن الذي أنقذ اليمن أيضا من الحرب الأهلية، هو السلاح المتوفر عند معظم المواطنين، إضافة إلى أن انقسام الجيش أوجد نوعا من الخلخلة في نظام علي عبد الله صالح السابق، وجعله يقبل المبادرة الخليجية بمباركة دولية، بعكس ما يحصل في سوريا، عندما قامت الثورة السلمية اعتقد النظام السوري أن السلاح الذي يملكه وحده والمتمثل في الجيش والأمن التابع لهذا النظام قادر على أن يخمد الثورة، ولم يتصور هذا النظام الديكتاتوري أن العنف المفرط يولد عنفا لا تحمد عقباه، فلا نظام على هذه الأرض قادر على أن يقتل شعبا يريد الحياة.

اليمن لا يزال يواجه هذا الخطر والانزلاق إلى حرب أهلية، وتدمير البلاد مثل سوريا، ما لم يسمح المثلث علي صالح + الإصلاح + علي محسن (المسيطرون الحقيقيون على المسرح السياسي ومقدرات البلاد) لممثليهم في حكومة الوفاق والرئاسة بإجراء بعض الإصلاحات المطلوبة والملموسة حتى تهدأ النفوس، وحتى لا يفقد المثلث نفسه كل شيء بثورة عارمة تأكل الأخضر واليابس، وتشعل المنطقة برمتها.

إن الرئيس عبد ربه منصور هادي، على الرغم من أنه منتخب ومفوض من الشعب، ومدعوم من المجتمع الدولي، لا هو ولا حكومة الوفاق قادران على القيام بإجراءات ملموسة تلبي الحد الأدنى من متطلبات المواطنين.

ما نراه على أرض الواقع من هذه القيادة السياسية إجراءات شكلية لا تقدم ولا تؤخر. وأخطر من هذا السلبية التي رأيناها في 21 فبراير (شباط) في عدن، بقيام حزب الإصلاح باستعراض قوته المسلحة، بقتل واعتقال بعض المواطنين باسم دولة الوحدة المركزية، وخروج علي صالح في صنعاء المستفز للجميع بعد تنحيه، واتهام بعض الجنوبيين في الحراك، وهذه مؤشرات خطيرة.

على أرض الواقع لم يحدث تغيير كبير وملموس.. انفلات أمني في كل مكان، شبكة الكهرباء، أنابيب الغاز والنفط تحطم بصورة شبه يومية، والدولة عاجزة، والمصداقية من المسؤولين شبه معدومة. من المؤكد أن الاستقرار الهش لن يدوم، خاصة أن عامة الناس بدأت تشعر بأنه ليس هناك أمل في التغيير، فالمتنفذون ما زالوا في كل أجهزة الدولة، وتأسيسا على ذلك، فإن مؤتمر الحوار سيكون شكليا لا محالة.

لنزع هذا الفتيل القابل للاشتعال في أي لحظة، فإن القيادة السياسية، خاصة الرئيس عبد ربه منصور، مطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة بعدم السماح للمتنفذين بأن يسيطروا على مؤتمر الحوار، وأن تعطى للمؤتمرين الصلاحية الكاملة في معالجة مشاكل اليمن كلها من جذورها، خاصة مسألة شكل الدولة، ومنها مشكلة الجنوب وصعدة، والوضع الاقتصادي الذي يهم الجميع، بمن فيهم المثلث، والقضاء المستقل، ووضع الأساس لدولة القانون. وبما أن الحكومة والرئاسة وحتى المجلس التنفيذي عجزت عن تقديم رؤية وآلية استيعاب أموال المساعدات المعلقة من أصدقاء اليمن، وحتى لا يفقد اليمن هذه المساعدات مثل مساعدات 2006، ينبغي أن يعطى للمؤتمرين حق تقديم رؤيتهم في كيفية استيعاب هذه الأموال، من أجل دعم وتمويل مشاريع تنموية للبلاد، لو أن هذه المساعدات توظف بشكل سليم.

اليمن لديه من الإمكانات أن يصبح من الدول الناشئة في وقت قصير. لعل وعسى أن يكون هناك تغيير ملموس للجميع، يجنب اليمن والمنطقة شر مخاطر الحروب.