رقي المشاعر

TT

عطفا على مقال خالد البسام «عودة الرومانسية»، المنشور بتاريخ 17 يناير (كانون الثاني) الحالي، من وجهة نظري أتساءل هل الحب فن أم مجرد غريزة؟ لكن ما هو الفن؟ يرى «بيكون» أن الفن هو خليط من الإنسان والطبيعة! وقال أندريه موللر عن تعريف بيكون بأنه أصدق وأدق تعريف للفن، ففي الرسم مثلا نجد الطبيعة تمد الرسام بالمادة الخام: تمده بالشجرة والزهر والبحر والضوء والوجوه البشرية، ثم يقوم الرسام بتنسيق هذه العناصر على نحوٍ يرضي به عقول الناس وأبصارهم، وفي فن القصة كذلك نجد الطبيعة تتكفل بإمداد الروائي بكافة عناصر القصة: بالعواطف والرغبات الملتهبة والميول المتضادة والآثام البشرية، ويبقى على الروائي أن يخلط ما بين هذه المواد الأولية، ويصوغها في قالب درامي مؤثر يهز به المشاعر ويرجف أوتار القلوب، وفي الحب أيضا باعتباره فنا تهيئ الطبيعة المادة الأولية الخام فتقسم البشر إلى جنسين، وتبث في كل جنس منهما غريزة حفظ النوع، ثم تدع للناس مهمة صقل هذه المادة الخام وتهذيبها كما يهوون، وطبقا لظروف الزمان والمكان، ويعتقد موللر أنه لو لم يتول العقل البشري هذه المهمة، لبقي الحب عند البشر كما كان في عصور الخليقة الأولى، آليا. أعتقد شخصيا أن الرومانسية في الحب هي أرقى وسيلة فنية للتحايل على الحياة، ومجابهة مشقاتها وضغوطها وآلامها، تحلق بك بعيدا عن حياة التوحش، هناك من يتباهى بأنه غير رومانسي، عملي واقعي، لكنه في شيخوخته سيكتشف بأنه غير سعيد، بلا ذكريات عاطفية دافئة وجميلة، سيجد أن هذه الحياة لا تستحق كل ذاك الجري والتكالب والتهالك والجشع، سيشعر أنها من دون معنى حتى، وقصيرة إلى حد تفاجئك وتصدمك، فيموت نادما مغموما ساعة لا ينفع فيها ندم. منذر بشري [email protected]