الفاشية الدينية

TT

عطفا على مقال سكينة المشيخص «(غزوة فرنسا) ورجعية الفاشية الدينية»، المنشور بتاريخ 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، من وجهة نظري أقول إن هناك من لن يتفق مع وصف الكاتبة للدين بأنه فكرة، وأن الإسلام ليبرالي، وأنا من ضمنهم؛ فمساحة الحرية التي منحها الله عز وجل للإنسان في ظل الإسلام لا تبرر وصف دين الله الخاتم بأنه «ليبرالي»، فالمصطلح خارج السياق الوصفي الصحيح للإسلام وتصنيفه من خلال هذا القاموس، بل هو رسالة السماء الخاتمة للناس وكفى، مع إدراك الجميع أنه لا إكراه في الدين، فقد تبين الرشد من الغي، وعليه فإن الغلو أو التطرف إفرازات قد تتباين في مثيراتها وسياقاتها، بيد أنها لا تمت لروح الدين الإسلامي ولا بالثقافة الإسلامية وأخلاقها وقيمها وممارساتها بصلة، اللهم إلا بالاسم فقط، والحديث النبوي فصل تلك الحقيقة، ولمن أراد الاطلاع أو التأكد يمكنه أن يعود للمراجع الحديثة والتفاسير القرآنية والعلوم أو الأصول الفقهية. إن القراءة السطحية للأحداث والوقائع دون الغوص في أعماقها وتدبر دلالاتها مأزق لا ينجو منه إلا القليل، وهذا لعمري ينطبق تماما على الـ11 من سبتمبر (أيلول) الإجرامي، وإلى حد بعيد في الجريمة الباريسية في حق أفراد مجلة «شارلي». إن الإسلام لم يختطف، فتلك في إيماني العميق مغالطة أتت جراء احتمالين؛ فإما نتيجة للقراءة السطحية عند المخطوفين بسحر الآلة الإعلامية الجبارة التي جندت أعتى العقول لصناعة إرهاب عالمي صنع وعيا غير محسوم حول أمر غير محسوم، وهو ما يُسمى بالإرهاب، أو نتيجة لتصديق الخطاب الغربي الذي نسمعه منذ عقود مقدما للمسلمين بمسحة لا تخلو من كثير من النفاق الأدبي، العذر والتفهم بأنهم أمة ضحية ومخطوفة الدين! علينا ألا نعول كثيرا لما جاء في المقال على أنه «نقطة تحول مذهلة» في خطاب هولاند، فقد ظهرت أصوات غربية في العامين السابقين لـ11 سبتمبر 2001 طرحت فكرة قيام أوروبا بالاعتذار للشرق أو بالأحرى المسلمين، وتحديدا بالطبع العرب عن حروب أوروبا ضد العالم العربي في العصور الوسطى التي أطلق عليها التاريخ الحروب الصليبية، وقد قرأنا هذا الطرح في الإعلام العربي، وكان له مساحة من الاهتمام في هذه الصحيفة، وما إن حل عام 2001 حتى فجعت الأمة بتلك الجريمة المشؤومة في نيويورك، ومن هنا أعود للتذكير بضرورة قراءة الأحداث بمنهج حذر! ماجد الخالدي [email protected]