القمة الحلم.. والواقع العربي

TT

انتظرنا جميعاً القمة العربية التي عقدت ودارت فيها النقاشات المختلفة حول ما يجري للشعب الفلسطيني الأعزل من حرب الإبادة وخرجت بالتهديد والاستنكار للممارسات اليهودية ضد شعب أعزل، لست هنا اليوم لكي أقلل من جدواها فأول محاسنها أنها عقدت أصلاً وبعد طول انتظار عن آخر قمة عقدت ومقارنة بالطبع مع قمة شرم الشيخ، كذلك لن ننكر أهمية مقترحات حكومة المملكة العربية السعودية والتي جاءت على لسان الأمير عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء صندوقي الانتفاضة والقدس وهما ما نحن بأمس الحاجة إليه لدعم الجرحى والجوعى وأسر الشهداء ومن استبيحت أراضيهم في ظل الجبروت الصهيوني، كما رفضت المملكة التطبيع بكافة أشكاله، ولن أنسى كذلك الموقف العربي الكبير من تونس بقطع العلاقات مع إسرائيل وكذلك المغرب الشقيق.

ولكني اليوم اسأل وبعد مضي أكثر من أسبوع من انعقادها عن نتائجها في أرض الواقع وما التغيير الذي طرأ في شأن القضية الفلسطينية حالياً والتي يتحمل الشعب الفلسطيني وحده نتائجها، فأين هي الآن؟ إننا نبحث اليوم عن موقف عربي موحد وعن حل سريع وحقيقي يوقف العمليات العسكرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والقائمة حتى هذه الساعة، وموقف يثبت لحكومة إيهود باراك أنه معتد على الحقوق العربية والإسلامية، لقد فتشت ملياً في قرارات القمة عن حدث أو موقف يوقف الحكومة العبرية عند حدودها اللامحدودة أصلاً ولكن مع الأسف لم أجد. وبحثت مرة أخرى لعله يوجد هناك قرار سري لم يصرح به حالياً ولكني صدمت مجدداً وصدمتي هذه أكبر وذلك لخلوه من أي قرار من شأنه أن يجعلها أكثر قوة تجاه الأزمة المتصاعدة ومن ما يمكنه إثارة وجلب للمجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية أو قراراتها، إني افتش عن قرار يجعل القمة متمسكة بموقعها خوفاً عليها من أن تترنح أو تهبط نحو القاع. كما صعقت لجمود بعض الدول العربية تجاه المشكلة الفلسطينية وانشغالها بأمور فرعية ألغت القضية الأم من جدولها، لذلك فإني أدعو الدول العربية حكومة وشعوباً إلى الاتحاد جميعاً لنصرة احبتنا في فلسطين ولحماية بيت الله الكريم وأول القبلتين من التدنيس، ومن إنشاء هيكلهم المزعوم واسمحوا لي في نهاية هذا المقال أن أوضح لكم نقاط ضعفنا الأساسية والتي ان تغلبنا عليها سنتمكن بإذن الله من إعادة الحق العربي والكرامة المسلوبة وهي كالآتي:

1 ـ أن تتفق الدول العربية على أن تكون القمة القادمة هي قمة الكلمة العربية الموحدة والصف الواحد في كل قراراتها المستقبلية وفي إنهاء علاقاتها مع إسرائيل دون تحديد دولة عن أخرى وأن تلغى كلمة التطبيع من جداولها بل من اللغة العربية عامة. ونحن سنكون في انتظارها مهما طال أمدها.

2 ـ أتمنى أن تتجه الدول العربية إلى المصالحة لإعادة الوحدة العربية الحقيقية ولحل القضية الفلسطينية لذلك وجب علينا أن نتحد كما وصفنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالجسد الواحد.

3 ـ أن تتخذ السلطة الفلسطينية قراراً حاسماً بشأن إعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بدعم من الدول العربية والإسلامية ودون تحديد لتاريخ بعينه حتى لا يقلل من أهمية الحدث في حال عدم وقوعه في الوقت المحدد لا سمح الله.

4 ـ أن تتجه كل الدول العربية مشكلة بمبعوث يمثل كل دولة على حدة إلى هيئة الأمم المتحدة للتدخل في اتخاذ موقف حازم ضد الجرائم الإسرائيلية ومعاقبتها دولياً وموضحين لهم وقفة الرجل العربي الواحد..

5 ـ الاستعانة بالاتحاد الأوروبي في حل قضية الشرق الأوسط على أساس دوره الدولي في عملية السلام وللتدخل بالضغط على أميركا لتوقف دعمها الفاضح لإسرائيل وأن تقف مع الحق.

6 ـ أن يقوم القطر العربي بقطع العلاقات التجارية والاقتصادية للشركات اليهودية والتي تكون من أموالنا العربية سلاحاً مهدى للشعب الإسرائيلي كل عام، وكذلك مقاطعة الشركات الأميركية الداعمة لإسرائيل ومقاطعة كل دولة تتخذ إسرائيل دولة صديقة لها، وكأني أرى بعد تطبيق هذا القرار مقاطعة بعض دول الاتحاد الأوروبي لإسرائيل بحكم العلاقات التجارية القوية لمنتجاتها في الشرق الأوسط عموماً ولدى العرب خصوصاً مفضلة مصالحها المادية على مبادئهم فهذه لغة العالم الغربي. ولنا على أرض الواقع البرهان وأمامنا تجارب سابقة لعدة شركات مصدرة أجبرتها المقاطعات الاقتصادية من الدول المستوردة بالمثول لمطالبها وتحديد علاقاتها فما كان منها إلاّ الاستجابة.

7 ـ أن تدرس الدول العربية إمكانية إنشاء قوى عربية مشتركة لحل المشاكل التي قد تواجه المنطقة العربية مثلما يحصل الآن من انتهاكات صريحة للشعب العربي الفلسطيني.

8 ـ الإعلام... الإعلام.. فأين هو إعلامنا العربي اليوم؟.. المقروء والمرئي والمسموع... لماذا أخمدت الروح العالية فيكم ولماذا انطفأ حماسكم جئنا اليوم نطالبكم بتكثيف جهودكم فوجدنا عناوين الانتفاضة أصبحت في الزوايا وأخبار الشعب الفلسطيني بين السطور فيا خوفنا من أن تمحى من أعدادها القادمة، كذلك الإعلام المرئي الذي يلبي شهوات بني البشر أين أنتم، الإذاعة ـ مواقع الانترنت يجب عليكم العودة وبقوة وبكل لغات العالم الإنجليزية ـ الفرنسية ـ الإيطالية ـ الألمانية... وكل اللغات خصوصاً تلك التي تبث عبر إعلامها تعاطفاً مع الشعب الإسرائيلي ولنخرج من المكيدة التي زورها اليهود بأنهم شعب مسكين تحيطه شعوب نازية، فآن لنا أن نعترف بمدى دهاء وخبث اليهود في جذب أنظار العالم تجاههم.

9 ـ دور الشعوب والأفراد في دعم صناديق الانتفاضة والقدس الشريف والذي من شأنه أن يحيي اسم هذين الصندوقين ونجدة اخوتنا هناك ولإيصال الدعم لهم ومحاربة الفقر والجوع والاستيطان اليهودي المنتشر في كل الجهات ولنزيح القناع الذي يرتديه اليهود باسم الكرم وحماية صلة الرحم ولنثبت أن الإسلام هو الدين الحق وأن الإنفاق والكرم لهما من سيم وأخلاق أهله.

تراني بعد هذا الحلم أرى أمتي العربية في أوج قوتها وتماسكها بعد هذا كله أضمن للعرب في كل مكان قوة وكرامة ما أوجدتها ولا أقوى الاتحادات العالمية لبلدانها أو شعوبها.