هل النموذج الدنماركي أثناء الحرب العالمية الثانية يصلح للقضية الفلسطينية

TT

تعقيباً على مقالة نشرتها «الشرق الأوسط» للكاتب خالد القشطيني في العدد 8020.. لي التعليق التالي:

لقد لمست من خلال المقالة أن كاتبها يهدف الى ترسيخ فكرة المقاومة السلمية واقرار فاعليتها مقارنة مع المواجهة المباشرة، حيث قدم الدنمارك كنموذج لذلك أثناء مقاومتها للاحتلال الألماني النازي. من جهة، يمكن لهذا النوع من النضال أن يكون ذا أثر ايجابي، ولكنه لا يتناسب قطعا مع الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

فالملك الدنماركي كانت له القدرة على إيقاف بعض تحركات الألمان المعادية، كما كان يتمتع بسلطة تخول له منع هذا أو حصول ذاك. وفي المقابل لا تستطيع السلطة الفلسطينية التحكم في مجريات الاحداث أو التدخل بأي شكل من الأشكال في القرارات الاسرائيلية، فأي موقف منها يستدعي الاستشارة مع الكيان الصهيوني، وهذا ما يقتضي الحذر والتيقظ الدائم والمستمر. ومن جهة أخرى أرى أن عملية التقتيل والإبادة (التي تمارس بطرق وحشية لا تمت الى المبادئ والقيم الانسانية بأية صلة) فاقت مثيلتها النازية، وجعلت من الصعب بل من المستحيل اللجوء الى اللعبة السلمية (الاستسلامية). فما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، وعقوبة المعتدي المجاهر بظلمه وتسلطه لا تكون الا بالرد بالمثل والمقاومة المستميتة من أجل تحرير المقدسات واستعادة الكرامة والحرية.

فالحل الوحيد اذن هو الجهاد المتواصل حتى تحقيق النصر. وواجبنا كأمة اسلامية هو مساندة اخواننا بشتى الوسائل حتى لا تضيع انهار الدماء التي أجرتها الانتفاضة المباركة هباء منثورا. فما العيب بل ما الغريب في تسليح الشعب الفلسطيني المكافح الصامد؟! اليس من العدل ان يعاقب المجرم بمثل ما اعتدى به عليك؟! هل وصل بنا الأمر الى حد اتباع المقولة المشهورة والقاعدة الشاذة التي اسستها الكنيسة خلال العصور الظلامية «اذا صفعك احد ما على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر»!!!؟ ان مقابلة الرصاص الحي والقنابل المدمرة بالحجارة معادلة غير متوازنة على الإطلاق. وحتى ننجح في تقويمها علينا أن نبادر وبشكل سريع الى دعم الانتفاضة بشريا وعسكريا وماليا.

أعلم أن البعض سيعلق على ما ذكر بكونه مجرد أفكار وليدة العواطف، ولكنني سأرد على ذلك عن طريق اعتقادي الجازم ان الأوضاع المروعة في فلسطين تدل على غياب أدنى مؤشرات الإنسانية، وتؤكد حضور العقل المريض المختل الذي فقد كل مقومات التفكير السليم بعد ان سكنته الأفكار الشريرة التي جمدت المشاعر النبيلة وجعلت القلوب كالحجارة أو أشد قسوة.

حين يغيب العقل السوي، ويئد الإنسان ضميره وحسه العاطفي الخير، يتحول الى قالب أجوف، وآلة غبية لا تتقن سوى فن طاعة الأوامر التي تمليها النفس الأمارة بالسوء.

لذا، سيظل شعارنا دائما: بالروح والدم نفديك يا فلسطين.