من يتحمل مسؤولية مذبحة مسجد أم درمان؟

TT

اشارة الى مقال احمد الربعي في عدد الاحد 10 / 12 / 2000 الذي تناول فيه مذبحة مسجد انصار السنة بأم درمان، أود ان اقول: مع احترامي الشخصي للاستاذ وقلمه الذي اتسم دائما بالموضوعية في تناوله لقضايا الساعة وعدم التحامل المدفوع بالعاطفة او المواقف الشخصية، فان الاستاذ قد جانب الحياد عندما حاول ان يعلل ما حدث على انه نتاج لممارسات الجبهة الاسلامية أو من افرازات نهجها بخلط الدين والسياسة. وانا لست هنا في مقام الدفاع عن الجبهة الاسلامية أو حكومة الانقاذ، ولكن المعروف عن الشعب السوداني انه سياسي بطبعه مع تمسكه بدينه وعقيدته. وحتى الاحزاب التقليدية التي قادت الامة وحكمت قبل الجبهة الاسلامية كانت نشأتها من طوائف او بيوتات دينية وانخرط سادتها في السياسة والعمل العام من قبيل الاهتمام بأمر المسلمين وقيادتهم الى ما فيه صلاح الامة. وبهذا المفهوم كانت السياسة عندهم واجبا دينيا، بل عبادة في حد ذاتها. وعلى هذا المفهوم تربى الشعب السوداني الذي لم يكن اهله إلا تبعا لهذه الطائفة الدينية او ذاك الحزب. ولم يكن غريبا ان كل الاحزاب ذات الثقل الشعبي نشأت وهي تحمل مشروع دولة اسلامية للسودان، ولكن مع تباين في الفهم والنهج.

والجبهة الاسلامية عندما قدمت مشروعها الاسلامي لم تكن مبتدعة في ذلك وانما هدفت الى ترسيخ مفاهيم وثوابت متأصلة في كيان الامة ونهجت في ذلك نهجا قد يختلف معه البعض فليس لها إلا اجر المجتهد ان اخطأ أو اصاب.

ان ما حدث بمسجد انصار السنة غريب ودخيل على المجتمع السوداني المتسامح والمعظم لحرمات الله وبيوته ولا يتحمل مسؤوليته إلا مرتكبوه. والملاحظ ان هذه الجريمة تكررت في يوم الجمعة نفسه وعلى الهدف نفسه كما حدث عام 1994 وهذا دليل على ان هذا العمل ليس له بُعد أو دافع سياسي، خاصة اذا علمنا ان جماعة انصار السنة المحمدية قلما تخوض في السياسة، بل تركز جل جهدها في العمل الدعوي وتصحيح العقيدة، مستندة الى مفاهيم السلف في العبادة والعمل من دون مغالاة أو جنوح للعنف والتطرف.

وما حدث لها لا يمكن مقارنته بما جرى في الجزائر الشقيقة أو غيرها ولا يمكن ان نعير بها أي جماعة أو طائفة تنتمي الى مجتمعنا المتسامح المتعايش بطوائفه وطرقه كافة في تعاضد وتعاون على ما اتفقوا عليه، وتسامح وعذر للآخر متى ما اختلفوا.

أما العدوان والتطرف فهو سبيل من مرضت عقولهم وكسدت افكارهم فبطلت حجتهم وحار بهم الدليل، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.