هل يستطيع العرب العيش بدون الثلاجة والسيارة ومعجون الأسنان الأميركية؟

TT

تعقيبا على ما نشر في جريدة «الشرق الأوسط» الغراء العدد رقم 8044 يوم الأربعاء 1421/9/10هـ الموافق 2000/12/6م في باب رأي ومقالة د. غازي القصيبي، تحت عنوان «أسئلة المقاطعة الأميركية» وما تضمنه المقال من طرح علمي شيق لموضوع الساعة وهو مقاطعة المنتجات الأميركية، أود التعقيب بطرح عدة نقاط أساسية حول هذا الموضوع:

أولا، ان دور هذه المقاطعة ـ وإن بدا هامشياً ـ وربما يحاول البعض التقليل منه، إلا أنه لو استمر سيؤثر بلا شك على المدى البعيد وقد بدأت بعض ملامحه تظهر من خلال ردود أفعال وكيلي بعض الشركات الأميركية في المنطقة العربية وتصريحهم عن عدم الإقبال الجماهيري خاصة في هذا الشهر الكريم، الذي يزيد فيه الاستهلاك في جميع القطاعات. وقد ذكر الشيخ القرضاوي أحد الدعاة إلى المقاطعة في أحد البرامج التلفزيونية أن وكيل إحدى هذه الشركات اتصل به ولامه على دعوته التي سببت خسائر للشركة، وأيضا قامت إحدى الشركات الأميركية بتغيير اسمها التجاري الذي يعتبر أصلا من الأصول الثابتة للشركة نتيجة للرفض الجماهيري.

ثانيا، أثبتت التجارب العالمية مثال التجربة اليابانية ومع اختلاف أسلوب المقاطعة فالياباني لا يقبل على شراء أي جهاز غير مصنع في اليابان، قد أعجز ذلك أميركا.

ثالثا، ذكر الكاتب أن هذه المحاولات لو أثرت على المصالح الحيوية الأميركية فلن تستمر كثيراً عندما تمارس أميركا الضغط على العرب لإنهاء المقاطعة. ويذكر للدلالة على ذلك أن قرار إنهاء حظر بيع البترول أثناء حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 اتخذه قادة الدولتين المتحاربتين ضد إسرائيل (مصر وسورية) ومع تزامن نشر المقال مع ذكرى حرب أكتوبر «هجريا» فإن اللحظات الأخيرة لسيناريو الحرب ونهايتها سياسيا بعد انتهاء العمل العسكري من تحقيق بعض الأوراق الاستراتيجية لا يقلل من أهمية بعض الأوراق السياسية التي ربحها العرب واقتصادياً بارتفاع أسعار النفط بعد ذلك.

رابعا، وحسب المبدأ السياسي، أن للدول ضروراتها وللشعوب خياراتها فإن الشعوب العربية قد عبرت عن استيائها باستخدام المقاطعة وهو إجراء تضامني مع الشعب الفلسطيني وتعبر فيه الشعوب عن رأيها بعيدا عن سياسة دولها وهذا الموقف ليس اضرابا عن الطعام أو اعتصاما بل هو رسالة موجهة لصانع القرار الأميركي تقول فيها: سئمنا سياسة الكيل بمكيالين ورعايتكم للإرهاب الإسرائيلي، واننا نستطيع العيش من دون السيارة والثلاجة الأميركية.

خامسا، أتمنى أن يكون هناك إجراء أطول أمدا وأقوى تأثيرا من مجرد المقاطعة أو المشاركة الرمزية المالية للشعب الفلسطيني الذي ينزف الشهداء يوميا وهي أن الإنتاج والاعتماد على الذات اقتصاديا وخاصة في ظل العولمة وتداعياتها هو أحد وأهم ركائز الصمود أمام تخويف البعبع الأميركي.