أوجلان والاحتقار النرجسي للكرديات

TT

قرأت من دون ان افاجأ ما نقلته «الشرق الأوسط» يوم 2001/1/15 عن اوجلان من كلام غريب وطاعن في النرجسية.

في كتابه «كيف تعيش» المعاد طبعه في تركيا. والسبب في عدم مفاجأتي بما قاله اوجلان يعود الى انني قرأت وتابعت احاديثه الغريبة والنرجسية في كراسات ومطبوعات حزبه، وذلك قبل ان يقع في الاسر، ولقد كتبت نقدا عن ذلك في احدى المجلات الكردية في زمن كان مجرد نقد خفيف يوجه لاوجلان كان يعتبر كفرا عند اتباعه ومناصريه.

اتذكر بأنني انتقدت الطريقة الفظة في نقده لرجال حزبه التي كانت تصل الى حد الاهانة والتحطيم لشخصيتهم. واعتقدت في ذلك الحين بأنه يريد ان يجعل من رجاله لا يفكرون ابدا بأن ينتقدوه او يحل احد محله.

قد نعثر على بعض انتقادات صحيحة وبناءة لاوجلان تجاه المجتمع الكردي في تركيا، ولكن الشطر الاعظم من انتقاداته هدامة بكل معنى الكلمة.

واغرب ما رأته عيني هذه الانتقادات الاخيرة او الاحتقارات الاخيرة ضد المرأة الكردية. فالمرأة الكردية المسلمة معروفة في ادبيات المستشرقين بأنهن من اكثر نساء المنطقة حرية من دون ريبة، واقواهن شخصية، ففي حين كانت نساء العرب والترك والفرس لا يفتحن الباب لضيوف الزوج في حالة غيابه، كانت نساء كرديات يستقبلن ضيوف ازواجهن بكل احترام.

لا ادري الى اي نوع من المرأة الكردية يتوجه اوجلان بحديثه: المرأة الريفية في قريته، او المرأة الكردية عموما، ام الى المرأة التي قاتلت وتقاتل في صفوف حزبه.

ولا يعقل ان يكون اوجلان على علم بالرائحة «الكريهة» التي تنبعث من اجساد جميع النساء الكرديات، لانه لا يعقل ان يعرف جميع نساء الاكراد.

ان ما ارتكبه اوجلان وحزبه من جرائم كثيرة بحق المرأة الكردية لا يؤهل اوجلان ان يتحدث عنهن بهذا الاسلوب المبتذل والسوقي وكأنه يستعير كلامه من روايات (د. هـ. لورانس) و(البرتو مورافيا). لو كان اوجلان عاش يوما واحدا في الجبال التي يعيش فيها مقاتلوه من الرجال والنساء لقلت انه ربما يقصد اللواتي يقاتلن كالرجال في هذه الجبال التي لا توجد فيها حمامات بخارية او ساونا، ولكن معروف عنه بأنه لم يقاتل يوما واحدا حتى لا يقتل كما صرح بذلك لصحيفة فرنسية. واغلب الظن انه يتحدث عن اللواتي تم اختطافهن على ايدي رجال حزبه وهن قرويات وساذجات وصغيرات لم يصل قراهن لا التعليم ولا الكهرباء، وكانوا يأتون بهن الى معسكرات البقاع ويتعرضن لتدريب شاق وعملية غسيل المخ المنتظمة بحيث لا يعرفون في هذا العالم إلا (ابو) وشعاراته المبالغ فيها. وهناك قائمة طويلة لاطفال الكرد من الجنسين الذين اختطفوا على ايدي رجال حزبه، ولا يسمح لذويهم حتى برؤيتهم. وقد ذكر بعض هؤلاء الاطفال المخطوفين الناجين من اسرهم قصص معاملة حزب اوجلان لهم على صفحات الصحف الكردية الصادرة في كلا منطقتي الحزبين الحاكمين في كردستان العراق، قصص تشيب لها الولدان.

والغريب ان اوجلان حتى ما قبل وقوعه في قبضة الاتراك كانت ترافقه مجموعة من نساء كرديات ما بين مترجم وحماية شخصية واللواتي خاطرن بأنفسهن من اجل حياة هذا الزعيم الذي ينظر اليهن بكل هذا الاحتقار الذي لا يليق برجل امي متربٍ على القيم البطرياركية الرجولية، ولماذا لم يذكر اوجلان كلمة عن النساء الكرديات اللواتي فجرن انفسهن لمقاومة الاحتلال التركي واللواتي اشعلن النار في انفسهن حين وقع اوجلان في الاسر. ترى ماذا ستقول نجلاء البنت الكردية في ربيع العمر التي اشعلت النار في نفسها في لندن من اجل هذا المحتقر لهن؟

كنت اتمنى ان اسمع بعض الفارغات من الفيمنستات الكردية في لندن واوروبا عموما واللواتي يفتعلن القضايا الوهمية ليهاجمن الاسلام ان يرددن على هذه الاقوال المحقرة للمرأة. ولكن اوجلان مهما قال فهو من اليسارية فكيف ينتقد؟