أربعون في المائة من مدمني الإنترنت يستخدمونها من أجل الجنس.. فأين الثقافة؟

TT

مفهوم الثقافة من أكثر المفاهيم تداولا، لكنه من أكثرها غموضاً وتلوناً فالتعريف بلغ حدا من التنوع يصعب معه الاتفاق على تعريف.. إذ كان (كرويبر) و(كلوكوهن) عالما الانثروبولوجي الاميركيان قد صنفا قبل ربع قرن ما لا يقل عن 160 تعريفاً للثقافة.

أول تعريف أنثروبولوجي للثقافة هو ذلك الذي اقترحه الانجليزي (تايلور) في كتاب «الثقافة البدائية» سنة 1871 وهو «الثقافة أو الحضارة بالمعنى الاتنورغرافي الواسع (هي هذه المجموعات المعقدة التي تشمل المعارف والمعتقدات والفن والقانون والأخلاق والتقاليد وكل القابليات والتطبيقات الأخرى التي يكتسبها الانسان كعضو في المجتمع)، وهناك أيضاً الثقافة العامة طالما جهل البعض في معناها السوسيولوجي العريض وهي (كل ما يحد سلوك البشر من أعراف وقوانين وقيم وعادات وطرق وحاجات)، إن هناك الكثير من التعريف للثقافة ولكن ما ينقصنا في العالم العربي هو الثقافة المعنوية أو النفسية: فهي الأدب والفن والقيم الاخلاقية والقيم الجمالية وتعاليم الدين وأداء فروضه.

فنحن بحاجة ماسة جدا لتنوير يجردنا من عجزنا وجهلنا وتخلفنا الذي ساد معظم أرجاء أوطاننا. فهناك مثل بسيط على أننا ما زلنا نعاني من أمراض في سلوكنا وأخلاقياتنا.. وهو استخدامنا الخاطئ للإنترنت فهناك احصائية تقول ان ما يقارب 40% يستخدمون الإنترنت لأجل الجنس! فأين الثقافة التي يقول عنها فيلسوف الحضارة الألماني (اشبنجلر) ان الثقافة هي حضارة الإنسان.. ويرى أننا في هذا العالم أجمع في عصر المدنية ـ أي عصر موت الثقافة وانحلال الحضارة... فكأنه يقصد العالم العربي وليس العالم أجمع؟! إن ما أعنيه أننا بحاجة إلى دواء لهذا الداء المزمن وهو صنع جيل مثقف واع ٍمتطلع الى المستقبل والحرص على التقدم. فهل التعليم هو الدواء وهو المصنع الذي يبني المثقف؟ قد يكون. لكن هناك قطاعاً كبيراً من أصحاب ربط تعريف المثقف بالتعليم يرفض اعتبار الشهادة الجامعية وحدها كافية لخلق المثقف، ويرى ان الاستمرار في الاطلاع والاتصال بالثقافة بعد ترك الجامعة هو الذي يخلق المثقف.

فمن منا يتذكر ذلك التقرير الأميركي بعد ان أصاب الشعب الاميركي في هزيمة فيتنام وبعد الزحف الياباني ـ الألماني ـ البريطاني ـ الفرنسي على الاختراعات الاميركية فكان لا بد من وقفة صادقة، فقد قدم العلماء الاميركيون تقريراً للرئيس رونالد ريجان بعنوان (أمة في خطر)، فهل نقدم للأمة العربية تقريراً آخر بأننا ما زلنا في خطر؟! وهل نتوقف قليلاً مع أنفسنا ونراجع تاريخنا ونقيس ثقافتنا ونعيدها، أم نبقى نملك ناصية الجهل وندع هذه التساؤلات يجيب عنها المستقبل الغامض؟ لن أقول إلا كما قالت الكاتبة الكبيرة غادة السمان (إننا بحاجة إلى آلاف من عربات الإسعاف تكنس من شوارعنا وأقبيتنا، أحياءنا الموتى الذين صرعهم الجهل)!