أبواب سورية مفتوحة لكل العرب بدون لكن ولا علامة تعجب

TT

نشرت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر في العشرين من يناير (كانون الثاني) 2001 عموداً صحافياً للكاتب بكر عويضة تحت عنوان: حقاً أبواب دمشق مفتوحة.. ولكن! عقب فيه الكاتب على ما قاله الرئيس بشار الأسد في المؤتمر الصحافي الذي شاركه فيه الرئيس حسني مبارك في القاهرة، إذ قال الرئيس الأسد إن أبواب سورية مفتوحة أمام كل العرب. وكان الكاتب عويضة موضوعياً ونزيهاً وصادقاً. حتى أكد أن الأقوال تنطبق على الأفعال لأن أبواب سورية مفتوحة حقاً أمام العرب بدون قيود أو شروط أو عقبات. ويستطيع أي عربي أن يدخل سورية ويقيم فيها بين أهله، بدون تأشيرات دخول ولا تحديد فترة إقامة ولا ضرائب، حاله في ذلك حال المواطن السوري. وقبل الاستطراد في هذا الشأن لا بد من القول إن ما حفزني على الكتابة، هو شعور داخلي عميق في نفسي مرفق بقناعات امتحنها الزمن، فقبل اكثر من عشرين عاماً غادرت بلدي العراق، جراء ظروفه المعروفة، وتنقلت لفترة قصيرة بين اكثر من بلد عربي، ثم استقر بي المقام في الشام. ولا أريد هنا أن اعقد أية مقارنات بين دول عربية وأخرى. إنني أعيش في سورية مواطناً من الدرجة الأولى ولا فرق بيني وبين الاخوة السوريين. فقد ولد اطفالي في دمشق وعاشوا وتعلموا فيها ولم أشعر يوماً أنني غريب. بل استطيع القول من دون مبالغة أن المواطن السوري يقدمني على نفسه، وذلك وسام يلف على صدور الأخوة السوريين عن جدارة واستحقاق، وبدون وضع كلمة (ولكن!) لا في العنوان ولا بين السطور!. لقد ناقش عويضة قضية محدودة، وحسن فعل ذلك لان التعميم كما يقال لغة الحمقى، هي مسألة التعامل مع الإخوة الفلسطينيين من غزة، وكان في هذا الموضوع أيضاً نزيها بإشارته إلى وجود مبرر وجيه بدون أن يذكر هذا المبرر، ربما لأنه لا يعرف التفاصيل ولا الرؤية السياسية لدمشق بصدد مسألة تبدو صغيرة وتفصيلية، لأنها تخص الفلسطينيين العرب من سكان غزة، دون غيرهم من العرب. فلا بد من توضيح هذه النقطة. ترى دمشق أن تثبيت الفلسطينيين في أراضيهم في غزة والضفة وحتى في منطقة احتلال عام 1948 مسألة استراتيجية مهمة للغاية والجميع يعرف الأثر اللاحق لهجرة الفلسطينيين من بلادهم جراء الإرهاب الصهيوني، وبات الاخوة الفلسطينيون الآن يعون جيداً ذلك، لهذا فإن أحد شعاراتهم في انتفاضة الأقصى، هو البقاء على الأرض الفلسطينية والقتال والكفاح فيها، فإما الشهادة أو الاستقلال.

ولأن سورية تسمح لأي عربي بالإقامة فيها من دون تحديد سقف زمني لهذه الإقامة فإن فتح الأبواب أمام سكان غزة والضفة وحتى منطقة عام 1948، يعني شئنا أم أبينا تشجيع الهجرة من فلسطين للعيش والاستيطان خارجها. ولو لم تكن أبواب سورية مفتوحة بالفعل لكل العرب، ما كانت هناك حاجة لوضع بعض القيود والضوابط على دخول الأخوة الفلسطينيين من غزة أو الضفة للأسباب التي ذكرنا، وهي أسباب ليست مفتعلة بأي وجه من الوجوه.

نوافق الكاتب عويضة أن القيود السورية بصدد الإخوة في غزة والضفة تسبب بعض الألم لهذا الإنسان أو ذاك لكنها في المحصلة النهائية هي من أجل الشعب الفلسطيني وحتى أولئك الذين يتألمون من هذا الإجراء لأن تشجيع الفلسطينيين على الهجرة سيكون الشعب الفلسطيني من جرائها هو الخاسر الأول ومن ثم العرب وستصبح المسألة أخطر وأشد تعقيداً إذا ما استجابت سورية إلى دعوة عويضة حول إعادة النظر حول ما أسماه (حالة التشدد المطلق).

إنني اسمح لنفسي أن أوجه له الدعوة لزيارة دمشق والاطلاع على ما يشاء عن كثب وكرجل اعلام اتجرأ فأوجه له الدعوة لزيارة سورية لنقول للأخ عويضة أهلاً وسهلاً بدون لكن ولا علامات تعجب.