مشكلتنا نحن العرب هي مع أنفسنا قبل أن تكون مع إسرائيل

TT

عند النظر الى مسيرة السلام منذ مؤتمر مدريد الى اليوم وما حصل من فصل للمسارات التفاوضية وضعف التضامن العربي من اجل التحكم بلعبة المفاوضات للحصول على اكبر قدر من الحق العربي في استرجاع للارض ونشوء دولة فلسطينية مستقلة السيادة والقرار عاصمتها القدس، نرى ان المسألة هي اكبر من عملية «سلام» بين العرب واسرائيل هي بالفعل مشكلة سلام بين العرب انفسهم. وما افرزته الانتخابات الاسرائيلية بالامس القريب من فوز شارون خلفا لباراك لن يغير نهج الدولة العبرية تجاه الدول العربية من حيث المضمون وهو الهيمنة على دول المنطقة تحت مظلة الهيمنة الاميركية ومنع قيام دولة فلسطينية ذات سيادة برا وبحرا وجوا. والعمل الدؤوب على زعزعة الاستقرار في هذه الدول من خلال اضعاف الثقة بين الحكومات العربية وتشجيع اثارة الفتن والقلاقل والنعرات داخل تلك الدول مما يؤدي الى الاخلال في بنية تلك الانظمة ومناعتها في مواجهة المشاكل الداخلية والخارجية على السواء ومما يسهل عملية الرضوخ للايحاءات الخارجية في عدم تخطي الخطوط الحمر في القضايا الحيوية التي تؤثر سلبا على مصالح الدول المهيمنة في المنطقة، خصوصا الولايات المتحدة.

اذا عرفنا ان مشكلتنا هي مع انفسنا كعرب قبل ان تكون مع عدونا، وان السلام مع النفس يسبق السلام مع الآخر، وان هذا السلام لا يتحقق الا بارادة الدول العربية في السعي لبناء استراتيجية ثقة اقتصادية وسياسية في ما بينها طويلة الامد من دون خوف من هيمنة طرف على الاخر الشقيق لان نشوء هذا الخوف معناه الاحتماء بالآخر الغريب حضارة وثقافة ومصلحة. وعندما تترجم تلك الارادة فعلا حضاريا نحو تعاون وتكامل اقتصادي بمشاريع اقتصادية مشتركة ونحو انفتاح سياسي يمهد لحوار في الواقع السياسي العربي داخليا بمزيد من الحرية والديمقراطية وخارجيا بتغليب المصلحة العربية العامة، سنكون اقوى مما نحن عليه الآن بكثير. عندها لا حاجة لسلام مع اسرائيل لانها في هكذا اوضاع لا يمكن ان تعيش وتستمر.