رسالة مفتوحة إلى صدام حسين

TT

الرئيس صدام حسين.. من خلال هذا المنبر الحر العريق، انتهز الفرصة لاطرح على فخامتكم بعض النقاط لتكون مصارحة مع النفس اولا، ومع الآخرين ثانيا، ومصالحة تخرج شعبكم من المأساة التي وجد نفسه فيها بسبب سياستكم.

مصارحة بعيدة عن الاطراء والمديح والمجاملات التي تعتبر من صميم الغش للذات قبل ان تكون غشا وخداعا للآخرين، والتي ورثت العرب الحيرة والضياع والنكسات والهزائم المتتالية، ارجو ألا اكون تجاوزت المألوف عند فخامتكم من الناحية المعنوية، اما من الناحية الواقعية قد اكون تجاوزت الحدود المصنوعة والسياج المنيع الذي تحيطون به انفسكم مما يحول دون وصول اي صوت معارض او منتقد لسياستكم، وهذا الفعل دليل التسلط والجبروت والدكتاتورية التي تمارسونها ضد شعبكم العريق.

السيد الرئيس لا يخفاكم ما سببه غزوكم للكويت للأمة العربية عامة، وللشعبين الكويتي والعراقي خاصة، من خسائر فادحة، وما احدثه من جرح غائر، في قلب الامة العربية، فاصبحت بعده اكثر ضعفا ووهنا مما كانت عليه، واتاح الفرصة لاعدائها للتدخل في المنطقة، وكنت انت الاداة التي استخدمها هؤلاء الاعداء لاختراق الصف العربي ونهب ثرواته وخيراته، ودفع العرب دون استثناء ثمن الجرم الذي ارتكبته في حق شعب عربي مسالم اصيل، عرف منذ القدم بمواقفه العربية الاصيلة.

ودفع الشعب العراقي ـ بغزوكم الجائر ـ ثمن هذا الغزو باهظا من خلال قوافل الشهداء الذين يفقدهم العراق يوميا، ويدفع الاحياء منه ثمن الغزو معاناة في الحياة اليومية التي اصبحت مشهدا مأساويا حقيقيا.

بغزوكم للدولة العربية الشقيقة الكويت، فرضتم على شعبكم العزلة في اللحظة التي كان يستعد فيها للانطلاق للخروج من نطاق العالم الثالث ليكون نموذجا له في الازدهار. وكان غزوكم للكويت ضربة قاصمة لوحدة الصف العربي في الوقت الذي كان في حاجة الى هذه الوحدة في عالم يتجه نحو التكتلات والتكاملات الاقتصادية لخدمة شعوبه.

وعندما لاحت الفرصة لفتح صفحة جديدة معكم، وامتدت الايادي تعاطفا مع شعبكم، وبدأت حكومات عربية في محاولة استعادة العلاقات العراقية ـ العربية، والعلاقات العربية ـ العربية ولاخراج شعب العراق من محنته في محاولة «لاعادة المياه الى مجاريها»، واعتقدنا انكم تراجعتم عن حساباتكم الخاطئة، ووعيتم درس الماضي، فإذا بتلك الفرحة لا تكتمل، حين فوجئ الشارع العربي بتصريحات نجلكم الاكبر «عدي» الذي عاد لترديد الاسطوانة القديمة المشروخة التي تطالب بضم الكويت الى خريطة العراق الكبير (!!). هذه التصريحات اللامسؤولة التي تكشف النيات الخبيثة التي تبيتونها لجيرانكم، واذا بنا نكتشف انكم لم تتعظوا من الماضي، ولا وعيتم الدرس الذي عاناه ويعانيه شعبكم على مدى عشر سنوات.

تصريحات نجلكم جاءت استفزازا للمشاعر العربية، شعوبا وحكومات، في وقت يحتاج فيه شعبكم الى تعاطف اخوته العرب ليخرج من الحصار الجائر، والعزلة المفروضة عليه.

تصريحات نجلكم اللامسؤولة لا تخدم الامة العربية وتضر بقضاياها في ظل ظروف عصيبة تشهدها المنطقة كلها، وفي لحظة زمنية حافلة بالتحديات والانتهاكات المتكررة لحرماتها ومقدساتها.

في الختام.. اناشدكم، بحق العروبة التي تتشدقون بها، وبحق شعبكم الاصيل ان توقفوا هذه المهاترات، فنحن لسنا في حاجة الى التباهي بالمظاهر الخادعة، التي لا تخدم في النهاية إلا اعداء العرب.

نطالبكم بالتوقف عن لهجة التهديد والوعيد حتى يمكننا اعانتكم على اخراج شعبكم من محنته وتمنحوا الامة العربية فرصة تجمع فيها قواها لمواجهة الخطر الكبير الذي يتربص بها اليوم من خلال، عدوتنا وعدوة الانسانية والسلام «اسرائيل».