السودان: الجنوبيون القاطنون في الشمال.. هل هم أقلية!

TT

اتفاقية الخرطوم للسلام التي وقعت مع بعض الفصائل التي انشقت عن حركة التمرد بزعامة جون قرنق قبل اربع سنوات، استبشر السودانيون بها خيرا لأنها كانت خطوة ايجابية دغدغت تطلعات الشعب السوداني واشتياقه للسلام. الاتفاقية تنص على حق تقرير المصير بعد اربع سنوات من التوقيع عليها عن طريق الاستفتاء الشعبي، ومن المؤكد ان يكون ذلك تحت مراقبة دولية واقليمية، إما ان يتم اختيار وحدة السودان او يتم انفصال جنوب السودان. لذلك اقترح ان يكون الاستفتاء حول الوحدة او الانفصال من حق كل السودانيين ويجب ان يشمل كل مناطق السودان مراعاة للوضع الاجتماعي البالغ الحساسية، حيث ان السودان ليس بمعزل عن محيطه الدولي والاقليمي كما ان جنوب السودان ليس بمعزل عن بقية مناطق السودان الأخرى، هنالك مسلمون بين القبائل الجنوبية، كما ان هنالك عربا يعيشون بالجنوب، هنالك تداخل قبلي كبير بين القبائل ذات الاصول العربية والزنجية حدث نتيجة للتزاوج والمصاهرة. وبالمثل فإن عدد الجنوبيين من مسلمين ومسيحيين الذين يعيشون في مدن الشمال السوداني لا يمكن القول بأنهم اقلية بأي حال من الاحوال، مما يؤكد ان الاستفتاء يجب ان يشمل كل السودان من قاصيه الى دانيه، نظرا لكل هذه المعطيات التي قد لا يتمكن من معرفتها من لم يعش بين السودانيين على امتداد مليون ميل مربع ويتعرف على اكثر من 150 قبيلة بمختلف ثقافاتها ودياناتها ولغاتها، بل والوانهم، وسط هذا الخضم المتلاطم تبقى حقيقة ان اللغة العربية هي اللغة المشتركة للتخاطب في ما بينهم وبلكناتهم الخاصة وهذا ما يؤكد خصوصية المشكلة السودانية ووجوب التعامل معها بعمق وشفافية وإلا فسيشهد السودان اكثر من 150 حركة تمرد اذا تم الاستفتاء بجنوب السودان فقط، مما يحرم الشعب السوداني بوضعه الشامل من قول كلمته الفاصلة والاخيرة.