السودان.. جناية السياسة على الاقتصاد

TT

ما الذي يجعل بلدا مؤهلا لأن يكون سلة غذاء العالم موطنا للمجاعات حتى تهب المنظمات الدولية والاقليمية لاغاثته؟! ولماذا ترتبط سياسة الأمن القومي للبلد بالنظام الحاكم؟ وما الذي جعل خططنا الاقتصادية ثلاثية وخماسية بدلا من خطة مستقبلية حتى لو نفذت على مراحل تستغرق عشرات السنين؟

ان المتأمل في الشأن السوداني يعتصره الامم وتقتله الحسرة على مستقبل هذا البلد الذي قدر له أن يكون سلة غذاء العالم فأصبح بفضل عبقرية حكامه من اكبر الدول المتلقية للاغاثة، لقد جنت السياسة على اقتصاد السودان، والسياسة في عالمنا الثالث قصيرة النظر والعمر في غالب الاحيان، ولعلم الانظمة الحاكمة ان فترة بقائها محدودة فهي مرفوعة لترسيخ وتثبيت النظام ودعم اركانه بدلا من دعم الاقتصاد الوطني.

وقد تفتقت العبقرية السياسية السودانية في محاربة الطامعين في النظام وادعائه عن فكرة غريبة وعجيبة وهي العمل على اتاحة الفرصة للشعب لهجرة جماعية بدلا من استقراره ليصبح مؤرقا للسلطات بمطالبه الحياتية. وكانت الوسيلة الناجحة في دفع الشعب لهذه الهجرة الجماعية هي تدمير الاقتصاد واهمال المشاريع، فهاجر من كانت الهجرة والتشرد من المستحيلات في حقه كالمزارع والطالب والبناء والنجار! ولا ادري اي مستقبل لبلد يهاجر زراعه وطلابه؟! ان الواجب الوطني يحتم على اهل السودان دراسة اوضاعه بعيدا عن اطماع السياسة والاعيب السياسية والعمل على تكوين مجلس اقتصاد من اهل العلم والخبرة والنزاهة ليرسم سياسة البلد المستقبلية، على ان تكون لهذا المجلس صلاحيات واسعة وقرارات نافذة اضافة الى بقائه رغم تغير الانظمة لنضمن بذلك امننا القومي ومستقبل اجيالنا القادمة.