أدعية إسلامية قرئت على روح مسيحي في كنيسة

TT

أود أن أعلق على ما كتبه غسان الإمام في جريدة «الشرق الأوسط» يوم الثلاثاء ما قبل الماضي، من انتقاد لرغبة البابا في إقامة صلاة مسيحية قرب ضريح (النبي يحيى ـ يوحنا) في المسجد الأموي بدمشق.

منذ مدة توفي الصديق جورج أغابي وهو فلسطيني مسيحي، وكان كغالبية المسيحيين العرب قريباً جداً في عواطفه من الديانة الإسلامية، معتبراً اياها أساس حضارته وفخر تاريخه. لذلك فقد طلب مني أهله أن أقرأ أدعية إسلامية في الكنيسة أثناء الصلاة عليه جاعلاً الصلاة عليه مزيجاً جميلاً من الإسلام والمسيحية. ولما كان الحضور أنفسهم أيضاً مزيجاً من المسلمين والمسيحيين، فقد لاقت هذه اللفتة عند تنفيذها استحسان الجميع بلا استثناء.

الأمر الرئيسي في هذا الموضوع هو أن الأديان في هذه الأيام تخلت إلى حد كبير عن التنافس المسلح أو غير المسلح، في ما بينها، وبدأ الاتجاه ينمو ويترعرع نحو التعايش السلمي والودي. وقد لفت نظري أخيراً خطاب ألقاه رئيس اساقفة كنتربري قمت أنا بترجمته يقتبس فيه آية من القرآن الكريم للتدليل على تعاليم الإسلام السامية، وهي الآية الثامنة من سورة المائدة «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب إلى التقوى». وقد حضرت أيضا مناسبتين على الأقل، استمعت فيهما إلى تلاوة جميلة من القرآن الكريم في الكنيسة، كانت احداهما من الدكتور بدوي، رئيس الكلية الإسلامية بلندن، وكانت تلك المناسبة في كاتدرائية وستمنستر، والثانية من المرحوم الشيخ الدرش، وكانت في كنيسة ماريلبون، وفي كلتا الحالتين كانت الصلاة مشتركة للديانتين.

بهذه الروح، روح المودة الجديدة وحب التقارب، أرى رغبة البابا في الصلاة بالمسجد الأموي، وهي أيضا طريقة غير مباشرة للاعتذار الصامت، ثم انه غير مسؤول عن التاريخ الماضي، لكنه مسؤول عن التاريخ الحاضر الذي يريده أن يكون سعيداً بين الديانتين. فالاعتذارات أمور لا معنى لها الآن، وإلا كان علينا أن نعتذر مثلا للاسبان عن احتلالنا لبلادهم سبعة قرون ونصف القرن. واحتلال الإسلام لبيزنطية مركز العالم المسيحي الشرقي وعاصمته القسطنطينية، التي تحولت كنيسته المركزية (أيا صوفيا) مدة طويلة إلى مسجد.

الكنائس والمساجد هي لعبادة الله الواحد الأحد، والدنيا كلها مسجد لله «ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله» صدق الله العظيم.