اقترح دعوة البارونة كوكس لزيارة السودان

TT

قرأت بجريدة «الشرق الأوسط» العدد 8165 بتاريخ 2001/4/6 تحت عنوان مئات السودانيين يشيعون قيادي الحركة الشعبية يوسف كوة بلندن ويطالبون حكومة بلير بوقف استثمارات البترول في السودان في حفل التأبين الخطابي، الذي كانت البارونة كوكس، النشطة كنسيا، المعروفة، ابرز المتحدثين فيه، والتي ما زالت على اصرارها بالشك في وجود ممارسة تجارة الرق رغما عن تحدي الحكومة السودانية لها، مرارا بتقديم دليل او قرينة تدل على ذلك، ولكنها لم تفعل ولن تفعل.

البترول السوداني هو حق لكل السودانيين دون تمييز واستمرار التنقيب عن البترول وانتاجه امر ليس مجالا للمزايدات او المكايدات كما ان من حق الحكومة السودانية ادارة عائدات البترول كيفما تشاء في مشاريع التنمية، التي يشهد السودان الكثير منها حاليا وكذلك في تسليح الجيش السوداني بأحدث العتاد لحماية السودان من اي جهة تعتدي عليه او تدعم من يقوم بتدمير البنية التحتية، حتى لو كان هذا المعتدي حركة التمرد نفسها. وهذا حق مشروع وحياة ومستقبل لكل الشعب السوداني الذي لا يزال يؤمن بان السلام هو الخيار الطبيعي.

حكومة البشير يشهد لها بسعيها جاهدة لجمع شتات السودانيين بمن فيهم الحركة الشعبية التي تمردت على كل الحكومات السابقة خاصة، والشعب السوداني عامة، وذلك بغرض اقامة وضع ديمقراطي تعددي. كما اتفق الجميع بان هذه هي رغبتهم لتحقيق السلام فماذا بعد؟.

اقترح على الحكومة السودانية دعوة البارونة كوكس وطاقمها لزيارة السودان لترى الجانب الآخر من مأساة الحرب الاهلية التي تدعمها عن قصد او عن طريق اعتمادها تقارير بعض الجهات التي لا هم لها سوى الحرب. الحرب التي اتخذوها تجارة رائجة لتسول الاغاثات والاعانات والسلاح تحت غطاء صراع ديني اسلامي مسيحي وعرقي بجنوب السودان.

ان فطرة السودانيين قائمة على التسامح الديني واحترام الآخر. اما دعوة البارونة كوكس لزيارة شمال السودان، حيث يمثل مواطنو الجنوب السوداني نسبة ربما تزيد على الـ 30% من السكان بعضهم من المسلمين واغلبيتهم من المسيحيين وهم يؤدون شعائرهم الدينية في كنائسهم ومنتدياتهم دونما مساس بل ان هنالك تواصلا وألفة لدرجة ان المسلمين والمسيحيين يتبادلون التهاني في المناسبات الدينية بينهم على المستوى الرسمي والشعبي وتقف مدارس كمبوني التي تديرها البعثات التبشيرية المسيحية شاهدا حيث ما زالت تعمل وتمارس دورها وان اغلبية طلبتها من المسلمين.

اما اذا كان الامر تطرفا دينيا فإن التطرف لا يقابله الا رد فعل مماثل متى ما كان ذلك عرفا وضرورة واذا ما استصعب تقويمه سلما، لكن في كل الاحوال فإن الشعب السوداني يستفزه كثيرا ان تصبح مكتسباته المتمثلة في الزراعة والبترول موضع مزايدات، اياً كان نوعها، ولا احد يملك الحق في ذلك.

اليست المبادئ نفسها موجودة لدى المسيحيين اذا ما تعرضت اوطانهم لما يتعرض له السودانيون؟