وجه إسرائيل القبيح لا يصلح فيه التجميل

TT

هناك وجهان لدولة إسرائيل أحدهما جميل جذاب والآخر قبيح، ولكل من هذين الوصفين مبرراته الواقعية التي يمكن الاستشهاد بها.

وتحرص إسرائيل كل الحرص على تلميع وإبراز وجهها الجميل للعالم الخارجي، وهذا من طبائع الأشياء، وإخفاء الوجه الآخر وهو وجهها الحقيقي الذي لا تجدي العمليات التجميلية فيه نفعاً، لأنه وجه عنصري قائم على اغتصاب الأراضي الفلسطينية وقهر الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه، وأعمال القتل والأسر والتشريد في أبنائه في الوقت الذي تدعي فيه بأنها واحة الحرية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.

والسؤال هو: ما هو الشيء الذي تتفوق فيه إسرائيل علينا ويجعلها تتشدق وتتباهى بمنجزاتها مقابل تخلفنا وفرقتنا؟ لقد حققت اسرائيل في عمر زمني قصير لا يتجاوز نصف القرن ما لم تحققه اليابان ولا الصين ولا حتى أي من الدول الكبرى في مجالات تكنولوجية وعلمية وصناعية وزراعية وعسكرية، وليس ما أقوله نابعا من عقدة التخلف التي نعاني منها نحن الشعوب العربية ودول العالم الثالث، بقدر ما هي رغبة في معرفة عدونا وإنصاف الحقيقة، ولهذا السبب نجد أن دولا عظمى تخطب ودّ اسرائيل وتحاول الاستفادة مما توصلت إليه من تقدم في قطاعات بالغة الحساسية والدقة كشرائح السيليكون وأجهزة الرصد والتجسس والاستطلاع والذرة والصواريخ المضادة للصواريخ، التي أوكلت الولايات المتحدة لإسرائيل مهمة تطويرها منذ عقد مضى، وتعهدت بكافة التكاليف بغية استخدامها في برنامج الدرع الدفاعي الصاروخي الذي تطمح الولايات المتحدة في نشره قريبا فوق اراضيها.

ومن ناحية أهم أصبحت اسرائيل وبفضل ما توفره لها الصهيونية العالمية من معلومات استخبارية وبفضل جواسيسها المتمركزين في أماكن بالغة الحساسية، سواء في البنتاجون أو في دوائر صنع القرار والأجهزة الأمنية بروسيا وبريطانيا وفرنسا والعالم الغربي، زيادة على اختراقها لمعظم منطقتنا، أحد أكبر وأهم المستودعات المعلوماتية في العالم مما يهيئ لها فرصا نادرة لتحقيق اغراضها العدوانية والتوسعية، ليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب، بل ايضا ضد المنطقة العربية بأسرها، التي أصبحت تعيش تحت كابوس السلاح النووي الإسرائيلي. والسؤال المقلق هو ألا تستطيع واحدى وعشرون دولة عربية أن تحصل على سلاح نووي واحد لردع اسرائيل وتحييد أسلحتها النووية وحماية الأمن للأوطان العربية التي من دونه تظل أوطانا مستباحة يطمع فيها الداني قبل القاصي والضعيف قبل القوي.

إن اسرائيل ليست بالبعبع المخيف، لكن جهلنا بها وبنقاط قوتها وضعفها وركوننا الى قدرة أميركا، صديقة الدول العربية، على لجم إسرائيل هو حقا أكبر تقصير في حقوق أنفسنا ومستقبل منطقتنا وأجيالنا.

متى سيعرف كل منا مسؤوليته ويؤديها على نحو مخلص، فقد أثبتت الانتفاضة الفلسطينية على الرغم من ضعف إمكاناتها بالمقارنة بما تمتلكه اسرائيل انها قادرة على زعزعة الكيان الإسرائيلي وارغامه على الاقرار ببعض الحقوق الفلسطينية، التي ظل يتجاهلها.