حقوق الإنسان في أميركا.. شعار ظاهرخ انساني وباطنه ابتزاز للمجتمعات الأخرى

TT

اشارة الى خبر فقد الولايات المتحدة مقعدها في لجنة حقوق الانسان، عدد «الشرق الأوسط» رقم 8195 وتاريخ 6/5/2001، لي التعليق التالي:

جملة واحدة في تبريرات وزير الخارجية الاميركي لأسباب عدم حصول الولايات المتحدة على الاصوات الكافية للفوز بمقعدها في لجنة حقوق الانسان الذي حافظت عليه طوال خمسة عقود من الزمن، حيث قال: «إن المحصلة النهائية للتصويت جاءت نتيجة لعدم ارتياح بعض الجهات حول السياسات الاميركية في مجال حقوق الانسان وفي بعض المجالات الأخرى». هذا ما قال باول، لكن ترى هل يحمل هذا الفهم المتأخر لعدم رضا الدول عن سياسات الولايات المتحدة، الادارة الاميركية الى الاقرار بالخطأ ومراجعة سياساتها الخارجية، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية شرعت الولايات المتحدة ترفع شعارات ذات بعد انساني ظاهرها خدمة المجتمعات البشرية، وقد مكنتها تلك الشعارات من لعب دور مؤثر في اخراج الاستعمار القديم من كثير من مواطنه، وفي الفوز بنتائج الحرب الباردة او صراع القطبين. ومع انحسار الاستعمار وسقوط الشيوعية اخذ وجه الولايات المتحدة الحقيقي يتكشف، وتبين لكثير من المجتمعات، خاصة قادة الفكر في المجتمعات، ان الشعارات التي تنادي بها الولايات المتحدة لا غاية منها غير الهيمنة، وانها لا تختلف كثيرا عن غايات واهداف الاستعمار القديم. وعدم فوز الولايات المتحدة بمقعد لجنة حقوق الانسان مؤشر على ان مآل شعارات حقوق الانسان والديمقراطية وحرية الفكر وختان الفتيات والرق وحقوق المرأة، هو مآل الاستعمار القديم نفسه، لأن الغايات واحدة والفكر والايديولوجيات واحدة وان اختلفت الوسائل والاساليب، إذ لا فرق بين اوروبا والولايات المتحدة، ويكفي لتأكيد الوحدة الفكرية بين اوروبا الاستعمارية والولايات المتحدة صاحبة الشعارات الانسانية، ان كليهما تفرض وصايتها على المجتمعات البشرية بشعارات طنانة ولغايات اقتصادية محضة يراد منها ابتزاز خيرات المجتمعات الأخرى لصالح المجتمع الاميركي ولزيادة ثراء اصحاب رؤوس الاموال الاميركيين، ولخدمة هذا الهدف اضطرت احداث العقد الأخير من القرن العشرين الولايات المتحدة للمبالغة في استخدام وتسييس تلك الشعارات حتى اصبحت صكوك غفران هذا العصر، فما من دولة لا تسير على هواها إلا وترفع في وجهها تلك الشعارات، من الصين شرقا الى اميركا اللاتينية غربا، مرورا بمنطقتنا العربية.