ارتفاع عدد البنوك لم يعد القياس الصحيح على جودة الجهاز المصرفي

TT

أشير الى مقال عبد الله باجبير بجريدة «الشرق الأوسط» العدد الصادر يوم الاثنين 30/4/2001، الذي حمل اتهامه للبنوك السعودية برفض قبول سداد فواتير الخدمات (كهرباء ـ هاتف ـ مياه) واحتقارها لصغار العملاء، واتهام مؤسسة النقد بقناعتها بما هو حادث من سوء الخدمة بالبنوك، ثم تلا ذلك مقاله الثاني بالعدد الصادر يوم الاثنين 2001/6/11، الذي يطلب فيه بزيادة عدد البنوك في السعودية. واعتبرت المقال بلاغا مقدما لمقام المجلس الاقتصادي الأعلى للنظر في أوضاع البنوك لتعديل الحال المائل في المصارف والبنوك ـ على حد قوله.

عليه أود ان أوضح له ولقراء «الشرق الأوسط» بعض الحقائق التالية:

قلة عدد البنوك في السعودية:

تتجه البنوك العالمية الآن الى الاندماج فقد تقلص عدد المصارف الاميركية من 14500 مصرف في منتصف الثمانينات الى أقل من 9000 مصرف حاليا، كما ساعدت التقنية في تقليص عدد الفروع للبنوك من خلال تقديم خدمات الصراف الآلي ثم المصرف الناطق (خدمات الهاتف المصرفية) وأجهزة نقاط البيع، وحاليا الإنترنت والموبايل بنك.

ثم إن ارتفاع عدد البنوك لم يعد المقياس الصحيح على جودة الجهاز المصرفي في دولة ما، فربما يكون عدد البنوك كبيرا لكنها بنوك هزيلة لا تواكب الفكر المصرفي الحديث والخدمات المصرفية المتقدمة والتقنية الحديثة.

واعتقد ان وجود 10 مصارف تجارية مرخصة بالسعودية وتعمل جميعها تحت رقابة مؤسسة النقد السعودي مع انتشار عدد 2026 جهاز صرف آلي تقدم خدمات السحب النقدي والاستعلام عن الرصيد بالاضافة الى الحوالات النقدية وتسديد الفواتير، و17000 جهاز نقاط بيع نفذت خلال السبع سنوات الماضية أكثر من 60 مليون عملية بقيمة اجمالية تعدت 30 مليار ريال سعودي ليس بالعدد القليل.

احتقار البنوك لصغار العملاء:

ان اتهامكم للبنوك باحتقارها لصغار العملاء لم يحالفه الصواب، لأن هؤلاء العملاء هم القاعدة الاساسية للبنوك، ولم تتكبد البنوك ملايين الريالات لتحديث انظمتها وادخال أحدث التقنية من أجل كبار العملاء الذين لا يمثلون أكثر من 5% من عملاء البنوك، اضافة الى ان كل منتجات البنوك (التمويل الشخصي والتمويل بالمرابحة.. الخ) موجهة لهذه القاعدة من العملاء فلا توجد تفرقة عنصرية أو طبقية كما جاء بمقالكم، وما أود الاشارة اليه ايضا ان كل برامج التدريب لموظفي البنوك هي برامج موجهة لخدمة العملاء.

سداد فواتير الخدمات:

لا شك ان سداد فواتير الخدمات كان مصدر شكوى من الجميع (البنوك والمواطنين والمقيمين) للزحام الشديد الذي عم البنوك وهذا من وجهة نظري له اسباب تعود الى:

ـ ارتفاع اعداد المشتركين في هذه الخدمات (كهرباء ـ هاتف ـ مياه) فمشتركو الكهرباء فقط يفوق عددهم 3.5 مليون مشترك ناهيك عن اعداد مشتركي الخدمات الأخرى.

ـ اصرار المشتركين على سداد الفواتير في آخر يومين قبل تاريخ انتهاء السداد (تاريخ قطع التيار الكهربائي ـ تاريخ فصل الخدمة للهاتف) مما يشكل ضغطا كبيرا على البنوك وزحاماً شديداً يكون مصدر شكوى الجميع.

ـ اصرار المشتركين على إجراء عملية السداد عن طريق الفرع رغم قيام البنوك بتوفير خدمة السداد عن طريق أجهزة الصرف الآلي التي تعمل على مدار (24) ساعة وبما يلبي احتياجات العملاء من ناحية امكانية السداد في المكان والزمان اللذين يناسبان كلاً منهم.

ـ غالبا ما يتزامن سداد فواتير الخدمات مع موعد صرف رواتب منسوبي الجهات الحكومية والمؤسسات واعدادهم كبيرة جدا خاصة بعد تطبيق نظام صرف رواتب منسوبي الجهات الحكومية بنظام سريع.

ـ يتزامن السداد ايضا مع تحويلات المقيمين الى ذويهم في دولهم.

ـ يضاف الى هذا الضغط استقبال البنوك لرسوم الجوازات، ورسوم تأشيرات وزارة الخارجية، ورسم تنمية الموارد البشرية، وهذا كله لم يكن موجوداً من قبل ويسبب زحاماً بالبنوك. ومن وجهة نظري أرى أنه يمكن تلافي هذا الضغط على البنوك وتخفيف الزحام بالتنسيق بين شركات الخدمات (كهرباء، هاتف) ومصلحة المياه والبنوك بأن يكون آخر تاريخ لسداد الفاتورة يوم (20) من الشهر الهجري، أي قبل أيام الذروة بالبنوك والتي تبدأ من يوم (24) من الشهر الهجري كذلك حث المواطنين والمقيمين على استخدام أجهزة الصرف الآلي المنتشرة في كافة مناطق المملكة لسداد الفواتير راحة لهم وللبنوك.

المنافسة بين البنوك وتمويل المشاريع:

لا أعتقد أن زيادة عدد البنوك وزيادة المنافسة بينها سيؤدي إلى تنازل البنوك عن القواعد والأسس والأعراف المصرفية المتعارف عليها لمنح التمويل المصرفي للمشاريع مهما كان حجمها كما جاء بمقالكم الثاني، فهذه القواعد والأسس مستقرة ومتعارف عليها وتطبق من كافة بنوك العالم لأن أموال البنوك ليست ملكاً لها فهي ملك للعملاء ويجب المحافظة عليها، وهذا هو سبب ثقة الناس في البنوك وإيداع أموالهم بها سواء للحفظ أو الاستثمار، لذا لا أجد وجهاً للمقارنة بين البنوك وشركات السيارات التي أوردتها في مقالكم، فالبنوك هي عصب الحياة الاقتصادية في أي دولة وعن طريقها يتم تنفيذ السياسات النقدية للدولة تحت إشراف مؤسسة النقد بالطبع.

ثم إن اتهامكم للبنوك بقصر عمليات التمويل على المنشآت الكبيرة، لا يعيب البنوك أو يدينها فهذه المشروعات الكبيرة مدرجة ضمن خطة التنمية وتمويلها واجب وطني لا يمكن أن تتخلى عنه البنوك وليس معنى ذلك تخلي البنوك عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لان البنوك تقوم بتمويل مثل هذه المشروعات اذا ما توفرت فيها شروط التمويل المتعارف عليها، لكن معظم المشروعات التي تحجم البنوك عن تمويلها قامت من دون دراسات جدوى اقتصادية حقيقية ومن دون تخطيط سليم، لانه قبل قيام أي مشروع لا بد من معرفة مصادر تمويله، وهذا ما تفتقر اليه تلك المشروعات التي اصابها فيروس التقبيل اخيرا. اود ان تعلموا ان العملاء الآن يتنقلون بين البنوك من اجل زيادة طفيفة جدا في سعر الفائدة او في عائد الاستثمار ولم يعد هناك من يتنازل عن الفائدة كما نتصور إلا القليل من العملاء، كما ان البنوك تقوم بالتبرع للاعمال الخيرية كواجب اجتماعي على البنوك تجاه المجتمع والمواطنين والارقام موجودة لدى البنوك بالاضافة الى المشاركة في المناسبات الوطنية كمهرجان الجنادرية وغيرها.

ارجو ان اكون قد اوضحت ولو جزءاً من الحقيقة.