الانحسار الوجودي خطوة الانهزام العربي الأولى

TT

* من سمر بندر ردا على موضوع بعنوان: «العرب فضيحة تاريخية.. امة تمتهن الكلام» للكاتب فرج بو العشة، المنشور يوم الاحد ما قبل الماضي. اقول: ليست النظرة الجديدة تلك المتشبثة في نبذ القديم، او القابعة في مبدأ «الموتى وقد عادوا يتكلمون وليست في سلاسة الانجراف نحو التحضر الوهمي غير الاصيل، المعتمد على نبذ الاسس والجذور، كما انها لن تكون ايضا في الدفاع الوحشي عن القومية العربية، او في حديث ذي شجون عميق عن الانهزامية العربية، بل ان مبدأ التحضر لم ولن ينجح بنبذ الاصول والتنكر لها، فكيف ستنمو النبتة من دون بذرة صحيحة طيبة قد تكونت على مدى ازمان.

ان هذه النظرة الجديدة المقترحة اشبه ما تكون بالدعوة الى وجودية عقائدية عربية، لكن الناظر الى مآرب العرب الحالية ربما يصيبه الملل من ترقب التطور الذي كانوا يمثلون جذوته الاولى، ومن الطبيعي ان تختفي الجذوة في خضم النيران، كما ان بطء التغير الظاهري في أي مجتمع هو من المسلمات التي تعارف عليها البشر، فلن تقطف ثمار اي تغير في الجيل الاول او التالي، بل ستقطف بعد اجيال متعاقبة.

واريد ان انبه هنا الى ان حديثي ليس نابعا من منطلق النوعية العربية الثائرة بقدر ما هو نابع من المبدأ المنطقي الصرف غير المتعلق بعقيدة، فكيف يتم الحكم على «امة» من واقع خبر مفرد، بل ان انفرادية الخبر حجة في ابطاله بالاضافة الى ان كل امة تتعاقب عليها فترات بناء، وفترات هدم، تلغي بعض الشموخ العمراني.

ولكن كلما كان البناء قويا تعسر على الزمان وربانه هدمه، وصدق صاحب المقال حينما قال: «ان النظرة القديمة تباشر انقراضها وان ببطء مقيت وقاتل». نعم فالعرب امة كان الكلام ثروتها المعجزة، لا عملها الممتهن، ولن ترضخ لحكم تحالف اوروبي، اخضع عقل فرد تربى على الولاء والطاعة له، بعيدا عن التربية الاسلامية العربية، ولا بد ان تتعاقب عمليات الهدم والبناء، حتى يعيش الجسد الاسلامي والعربي عامة صامدا في شموخ وقوة.