الجنرال لحد.. ورقة سقطت وانتهت إلى الأبد

TT

تعليقا على ما ورد في حوار مراسلكم نظير مجلي مع الجنرال انطوان لحد في صحيفة «الشرق الأوسط»، العدد رقم 8209 الصادر يوم الأحد 20/5/2001 أورد ما يلي:

في هذا الزمن العربي الرديء أصبحت الخيانة وجهة نظر، والعملاء والخونة نجوما اعلامية تفتح لها ولافكارها وسائل الاعلام الباب على مصراعيه.

«فالوطني اللبناني من الدرجة الأولى» باع نفسه للشيطان الصهيوني بثمن بخس، مدعيا ان جهات لبنانية متحالفة مع الصهيونية شجعته على عمل ذلك حرصا على جنوب لبنان وأهله، ويتشدق انطوان بأن ميليشياته لم تكن طائفية ـ وقد يكون هذا صحيحا ـ فالخيانة والعمالة لا دين لهما ولا حتى وطن «والوطني اللبناني الأول» ساهم في العديد من المجازر لأهل وطنه تنفيذا لأوامر أسياده من الصهاينة العنصريين مثله، فصبت نار مدفعيته على قرى وطنه الآمنة ومدنه الغاصة بالاطفال والنساء، وبدون تمييز لهوية أو ديانة من يقصفهم، حيث ان نسبة كبيرة من سكان صيدا وصور والنبطية وقرى المنطقة هم مسيحيون مثله. «والوطني اللبناني الأول» ابن العائلة اللبنانية الكبيرة كما يدعي، هو الذي كان يشرف على سجن الخيام السيئ السمعة، وميليشياته التي تأتمر بأمره هي التي قامت بالتعذيب والقتل والاذلال لابناء وطنه حسب رغبة الصهاينة، الذين وجدوا فيه من يريحهم في «الغسيل القذر» ويلطخ يديه بالدماء الوطنية المقاومة، والابرياء الذين وقعوا في قبضة زبانيته. و«الوطني اللبناني الأول» تشدق بأنه كان يصر في اجتماعاته مع سادته الصهاينة على تطبيق القرار 425، بل يصر «ان يعلن ذلك كل رؤساء اسرائيل ووزراء الدفاع والخارجية» فهل كانوا يلبون له ذلك الطلب؟ يجيب «الوطني اللبناني الأول»: «لا بالطبع». فمتى يا سيادة الجنرال كان لكلام ومطالب العملاء قيمة عند اسيادهم؟

ولا يخجل الجنرال لحد من اتهام الفلسطينيين بالهرب عام 1948 وتركهم الأرض خاوية ليحتلها اليهود: فهو جاهل أو متجاهل لكفاح هذا الشعب في المائة عام الأخيرة ضد الطغيان الاستعماري الغربي المتحالف مع الصهيونية العنصرية، والذي يذهل العالم بصموده الاسطوري الحالي ضد أعتى وأشرس جيش في العالم وأكثره تطورا في اساليب البطش والقتل والتدمير. كانت ميليشياته المدججة بالسلاح تحت حماية جيش عنصري قوي، ومع هذا هربت الفئران المذعورة وراء الجيش الذي هزمه الله، ثم حزب الله.

انتهى الجنرال الى نهاية كل عميل: شحاذا على اعتاب اسياده الذين يرون فيه ورقة سقطت وانتهت وليس لها أي لزوم، يطلب لقاءهم فيصدونه، يحلم بمكافأة نهاية الخدمة له ولعملائه فيرفضون طلبه. يدفعون نفقات اقامته في فندق خمسة نجوم ويلفظون بقية العملاء وعائلاتهم ويرفضون حتى مجرد وجودهم في المستوطنات اليهودية والذين عرفهم من سادته المسؤولين اليهود فعلاً «يخجلون منه»، ولكن ليس بالمفهوم الذي يعنيه الجنرال التائه أو يتوهمه. إنهم ببساطة يرونه وجودا غير مريح لهم، وعديم الجدوى، وشعبهم اليهودي أولى بالاموال التي تدفع عنه في الفنادق ومتى عرف عن الصهاينة الكرم أو الوفاء؟

وفي نهاية مطافه البائس يغازل الجنرال لحد سورية: فهو «يحب سورية» كما يقول ولكنه يعترض على وجودها الذي ساهم بدعم العرب جميعا في ايقاف الحرب القذرة في لبنان، واعادة السلام اليه، وتحرير أرض الجنوب من أمثاله ومن قوات الاحتلال التي عاثت فيه دمارا وفسادا وتشريدا ونهبا لموارده من كل نوع، والشيء الوحيد الذي يندم عليه الجنرال لحد هو انه توهم في شبابه «ان هناك مصلحة وطنية واحدة للأمة العربية»، فاكتشف العكس بعد بلوغه عمراً تجاوز السبعين عاما، مما جعله يشعر ان رئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك طعنه في ظهره وتخلى عنه بانسحابه من جنوب لبنان، وطن «اللبناني الوطني الأول»، ليستحق ان يوصف بأنه مأجور حتى أرذل العمر.