الوحدة العربية تحتاج أولاً لبناء العزائم لا هدمها

TT

هل تطرب اذنك ايها العربي لغير الشعر العربي الذي ينطقه لسان مغربي يعبر عن همومك العاطفية وانت تعيش في المشرق العربي؟

سؤال يطلب اجابة انسان عربي يكتب ويتحدث على منابر الجرائد بأفانين اللغة العربية، ثم يقول ان اللغة العربية ليست اساسا للوحدة العربية، والوحدة العربية مجرد مشروع قومي وليست ضرورة تاريخية، والغرب او كما يعبر «نصف سكان الكرة الارضية» يتحدثون اللغة الانجليزية، وهم ليسوا ـ كما يقول «مهوسين» لكي يفرضوها كأساس لجنسية موحدة ولكن العربي ينطق من جم سباته ليقول: ان سياسة التدويل او حتى مجرد السيطرة المبدئية على الشعوب ـ لا تكون بوضع الحدود السياسية ـ الموضوعة كما يقول قبل كتابة التاريخ والاغتيالات البشرية الدامية، لا بل تكون بغزو العقل اولا، ثم السيطرة التدريجية على البلدة الصغيرة فالأخرى، فالأخرى، حتى تنتهي دولة كبيرة في ايدي المحتل. الوحدة العربية ليست مجرد مشروع ينتظر ذوي الهمم الفاسدة لكي ينشروا افكارا عقيمة في اذهان الشعوب الفقيرة بالمعرفة، الوحدة العربية قضية عالمية يحملها الاسلام لأنه مبدأ عالمي، فرضه «الرحمن» جل وعلا على العالم البشري وغيره وهو الذي خلق الكون جميعا، واللغة العربية لا تفرض نفسها على الدين، وهي طبعا ليست توقيفية، ولكن اعيد الكرة بالسؤال التالي: هل تستطيع ترتيل القرآن الكريم بغير العربية؟ لن تستطيع كما لن يستطيع الصيني المسلم والافريقي المسلم والاميركي المسلم، فالجميع يتعلم العربية لكي يرتل القرآن فقط، لأن الله فرض على العالم ان يكون عربيا، لان كتاب التعليمات المشرع لتنظيم نمط البشرية مكتوب باللغة العربية. إذن لماذا لا نتوحد فكريا قبل ان نتوحد سياسيا؟

لقد انتشر الاسلام بهذه اللغة ووصل اوطانا في الشرق واخرى في الغرب في فترة قياسية، فهل تسمى هذه الفترة القياسية فترة قصيرة سيطر فيها الحكم الاسلامي ثم انتهى هذا التجمع بانتهاء الحكم؟ بل تسمى يا سيدي «معجزة» ان تقام دولة في شهور وسنوات، وتدوم قرونا وتدون في التاريخ، يسمى ذلك معجزة وان تظل هذه الدولة مسيطرة على العقول الاسلامية والعربية الى هذه الايام. فليست الوحدة العربية ظاهرة طارئة على المجتمع، بل هي ظاهرة فطرية تكونت مع احساس الشعب العربي بالضعف وافتقاره الى وطن قوي يصد النوبات الاسرائيلية، المدفوعة بالمزاج الشاروني العقيم، اراد تلك لوحده لما احس بفقدان ذاته الجماعية امام فئة ضئيلة من الصهاينة تكدر عليهم حياتهم.

فالى الكاتب سليمان النقيدان صاحب مقال «الوحدة العربية كمشروع قومي ليس ضرورة تاريخية» المنشور في يوم الثلاثاء بتاريخ 17 ـ7 ـ2001، اقول: انظر في داخلك وفي ذاتك العربية، ثم اكتب مثل قوة هذا المقال، لاننا نحتاج لمن يقوي عزائمنا، لا لمن يهدها هداً، كما فعلت بهذا المقال، وهذا ليس مجرد رأي عابر يحتمل الخطأ او الصواب، بل رأي يغير عقلية شعوب. فاذا كانت لديك هذه المقدرة القوية في افانين التعبير والاقناع فلماذا لا تحاول اعادة بناء ما هدم؟ وأتمنى كما يتمنى غيري ان اقرأ هذا المقال.