واشنطن كانت وما زالت تبحث عن مبررات لتنفيذ مشاريعها التسليحية

TT

حول افتتاحية «الشرق الأوسط» بتاريخ 2001/8/25، تحت عنوان «الرئيس الأميركي.. والدرع الصاروخي»، أود أن أطرح بعض الملاحظات نظراً لأهمية القضية المثارة ولأنها قضية تهم منطقتنا العربية بوجه خاص.

لا شك أن كلمة الصحيفة تلامس جوهر القضية المتعلقة بمشروع تشكيل درع مضاد للصواريخ (مظلة صاروخية)، ترغب الولايات المتحدة استكماله وهذا هو ما يثير حساسية كثير من الدول وعلى رأسها روسيا والصين خوفاً من أن يفتح المشروع باب سباق تسلح جديد.

والكلام عن أن الفكرة مطروحة منذ أكثر من ثلاثة عقود، دليل واضح على أن الولايات المتحدة كانت وما زالت جادة في الأمر، مهما كانت «الكلفة الاقتصادية» وضخامتها. ومما لا شك فيه أن الأمر يثير أكثر من مجرد «القلق»، ليس لمجرد أن الدرع الأميركي المقترح يمكن أن يجعل آلافاً من الصواريخ الروسية العابرة للقارات غير ذات قيمة استراتيجية، لكن الأدهى هو أن يتمكن المشروع الأميركي من أن يعطي للولايات المتحدة امكانية تحييد «الرعب النووي» إذا تمكنت الشبكة الجديدة من توفير حماية لسمائها فلا يطالها هجوم نووي أو الهجمات التي تشن بالصواريخ البالستية. الخطر هنا ليس في أن تتغير «القواعد الأساسية للعبة العسكرية، كما مارستها القوى الأساسية لأكثر من نصف قرن» ـ كما ترى الصحيفة، إنما الأخطر هو أن تقدم الولايات المتحدة على توجيه الضربة الأولى من دون خوف توجيه ضربة مضادة لها.

واعتمادا على ما ذكر في المقال «توجد 4 دول فقط تملك صواريخ ذات مدى قادر على الوصول الى اهداف في الولايات المتحدة»، فمن غير الوارد أن تقدم بريطانيا أو فرنسا على عمل عدائي ضدها لأسباب حلفية معروفة. أما روسيا والصين فش«لا مصلحة لهما» في شن هجوم على الولايات المتحدة ليس خوفا من «التدمير الشامل لترسانتهما النووية في هجوم انتقامي» فحسب، لكن لمعرفتهما أنه في ظل «توازن الرعب النووي» لا يمكن لأي حرب تنشب إلا وستكون نهاية للحياة على وجه البسيطة لأن المخزون الراهن من أسلحة الدمار كاف لمسح الحياة فوق كوكبنا أكثر من مرة واحدة. وهذا الخطر المحدق هو الذي كان بمثابة صمام الأمان لكبح جماح أي طرف لفتح باب الجحيم لأنه يعرف تماماً ما سيحدث.