الهجوم على نيويورك وواشنطن.. دهاء في التخطيط والتنفيذ وغباء في ترك الآثار .. أم ماذا؟

TT

المتأمل في الاحداث الأخيرة في الولايات المتحدة والمتابع عن قرب الأخبار والتحليلات، يجد أن كلها تصب في مصب واحد وهو ضلوع العرب والمسلمين في هذه القضية.

وإني لأتعجب مما يدور هذه الأيام من جهتين، الأولى: السرعة الفائقة بإلقاء التهم على أشخاص بعينهم ولم يمر على الحادث يومان، وكأنهم يملكون أدلة لا مجال لإنكارها، وهذا يعيب فعلاً دولة تعد أقوى دولة في العالم، ولها ايضا تجارب ماضية، وفي المواقف نفسها، مثل ما حدث في عام 1995، من تفجير اوكلاهوما، وألقيت التهم، كما هي الآن على العرب والمسلمين ثم تبين العكس تماماً، وكان التدبير داخليا. فكان من المفترض من دولة كهذه التعقل والتريث، فما زال في الأمر متسع، خاصة أننا في وقت كثر فيه أعداء أميركا، وإن كان الإعلام الأميركي يحصرهم في المسلمين أو ما يسميه بـ «الإرهابيين»! والثانية: هل يعقل فعلا ضلوع عرب أو مسلمين في مثل هذا الحدث الرهيب للغاية في التنظيم والدقة؟

وهنا سؤال: هل يمكن أن يتم كل ذلك ـ وكما قال الخبير الفرنسي جان فرانسوا، أحد أبرز المتخصصين في الإرهاب الدولي ـ من دون ضلوع عدد من المسؤولين الأميركيين أنفسهم بهذه الحوادث أو تسهيلها على الأقل؟! بالطبع لا، وهل تستطيع منظمات إسلامية ـ خارجية كانت أو داخلية ـ أن تقوم بمثل هذه الأعمال وهي في الأصل محط أنظار وريبة وكل تحركاتها مرصودة مهما كانت صغيرة، فكيف بمثل هذه الأعمال التي لا يمكن أن نتصور أن تحدث من دون أن يكون لدى المخابرات الأميركية أدنى خبر أو شك وإلا أين الـ «إف بي آي»؟.

والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف تدار وتساق مثل هذه العمليات في وقت واحد وبأربع طائرات مدنية وتدمر أكبر المراكز الأميركية المهمة من دون علم مسبق من الأجهزة الأمنية الأميركية؟

هذا كله مما يثير الشك فعلاً بوجود تواطؤ داخلي! ثم هل من يدير مثل هذا العمل بدرجة من الغباء أن يترك له آثارا تدل عليه وتكتشف خلال أيام بسيطة؟ من سيارة في مواقف المطار وفيها كتاب لتعليم الطيران بالعربية أو مصحف، أم أنه بدرجة من التخطيط والدهاء على صرف نظر الشارع والحكومة إلى جهة هي في الأصل محط شبهة وشماعة لكل حدث إرهابي في العالم، وهذا ما تبين مما أذيع عن وجود 19 إرهابياً قاموا بخطف الطائرة وكلهم عرب، وذلك بسبب وجود أسمائهم على متن الرحلات، التي تبين بعدها أن بعضهم موجود على قيد الحياة وخارج أميركا، كما أوضحت ذلك وسائل الإعلام؟ علام يدل كل هذا يا محللين ويا استخباراتيين، أليس الأولى بكم التريث والتعقل ومراعاة موقعكم الدولي، فأنتم بحاجة إلى قليل من التعقل والتريث أكثر من حاجتكم إلى سرعة الكشف عن المجرمين؟!