السودان.. التفاخر بالأنساب عصبية جاهلية

TT

في البداية اشكر جريدة «الشرق الأوسط» لأنها تهتم بآراء قرائها، وارجو صادقا ان يكف دعاة العروبة والافريقية من السودانيين عن التراشق المحموم الذي يدور بينهم، بعد ان فقدت كتابات كلا الطرفين الموضوعية.

فليس معقولا ولا مقبولا ان ينكر احدهم انتصارا لأفريقيته الدور الذي قام به المجاهد الكبير عقبة بن نافع من نشر الاسلام بشمال افريقيا وغربها وينسب ذلك كله للبربر والزنج مع احترامنا للجميع، فهل ننتظر من هذا غير انكار العروبة من السودان؟

وهل من المنطق ان يلهث احدهم خلف اثبات اصله من خلال تشابه في معاني الكلمات بين لهجته النوبية واللغة الامهرية، ثم يأتي ليطعن في نسب امة من الناس تاريخها مكتوب وتشترك مع بقية العرب في فصاحة اللسان والثقافة والتراث وحتى في الملامح فقط، لأن الوانهم تكذبهم كما يرى، فيحل بذلك لنفسه ما يحرمه على غيره؟ وفي المقابل هل من الموضوعية ان يجعل احدهم لونه وسحناته العربية مقياسا يحمل عليه شعبا نصفه من الزنوج السود ويدعي ان السودان عربي عن آخره؟ انني لا افهم السياسة وتعقيداتها ولا ادري ان كانت من وراء هذا الجدل حول هوية السودان اهداف سياسية ام لا، لكنني ادري ان التفاخر بالاجداد والالوان عصبية جاهلية حرمها الله وان الله تعالى ينظر فقط للقلوب، والا فأين بلال العبد الحبشي الاسود، وأين ابو لهب الشريف القرشي الابيض؟

ان الدماء الافريقية التي تجري في عروقنا ليست عيبا يجب التبرؤ منه، والدماء العربية التي تجري في عروق بعضنا واقع لا يمكننا استئصاله وليس باستطاعة احد انتزاع عرب السودان من دمائهم ولغتهم وتراثهم وثقافتهم وعروبتهم التي غذت وجدانهم منذ مئات السنين. ان العرب والافارقة في السودان يعيشون في محبة ووئام، لانهم يعلمون ان الله خلق الناس من طينة واحدة، فما فضل الطين على الطين؟