القرآن ونظريتا الانفجار والانطواء العظيمين

TT

تعرض خالص جلبي (عدد 8408)، إلى نظرية الانفجار العظيم The Big Bang، التي تقول بأن الكون نشأ من انفجار كتلة حدث قبل حوالي 15 مليار سنة، وذلك أمر ذكره القرآن الكريم في الآية 30 من سورة الأنبياء (أولم يرَ الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما). والجدير بالذكر، أن القوة الرهيبة الناتجة من هذا الانفجار العظيم، ما زالت تدفع بالكون وتزيد من اتساعه وتباعد بين مجراته. ويسود بين العلماء انطباع بأن كمية الحركة الناتجة عن هذا الانفجار العظيم سوف تنفد في يوم ما وسوف يؤدي ذلك حتماً إلى انعكاس وتحول اتساع الكون إلى انطواء وهو ما يعرف بنظرية الانطواء العظيم The Big Crunch. وهذه العملية شبيهة بالحجر الذي يُقذف فيتصعد في الفضاء إلى أن تنفد القوة الدافعة له ويبدأ الرحلة العكسية عائدا إلى الارض (راجع موقع التلفزيونات العامة الأميركية على: www.pbs.org/wgbh/nova/universe/). وهذا الأمر مذكور ايضا في كتاب الله عز وجل في الآية 104 من سورة الأنبياء نفسها: (يوم نطوي السماء كطيّ السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين). ومُنوه إليه في الآية 65 من سورة الحج: (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه). ومن الطريف، أن الجدل حول مسائل حدوث العالم، قدمه ومصيره، كان من النقاط المحورية للحوار الفلسفي في كتابي «تهافت الفلاسفة» للامام الغزالي و«تهافت التهافت» لابن رشد، وها هو العلم الحديث يُثبت لنا أن هذا الموضوع مذكور في صلب القرآن الكريم!.

ايضا يمضي خالص جلبي قائلا: «وفي التاريخ عرفنا عمر الارض انه 4.6 مليار سنة، وبدء نشأة الحياة قبل 3.8 مليار سنة»، وأود أن أضيف أن الحفريات الحديثة تدل على أن الإنسان ظهر على ظهر هذه البسيطة قبل عشرات آلاف السنين، والقرآن الكريم يتساءل في سورة الإنسان: (هلى أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا)، مما يدل صراحة على أن الإنسان يقع في عداد القادمين الجدد للأرض.

وختاماً، تحدث جلبي عن الخلايا الجذعية ذاكرا الآية 14 من سورة المؤمنون: (ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين). وقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الوارد فيه: «إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح..». أي أن نفخ الروح يتم بعد 120 يوماً من تلقيح البويضة، وهذا يدل، واللّه أعلم، على إباحة أبحاث الخلايا الجذعية التي تجري على أنسجة ليس بها روح مثل القلب المأخوذ من شخص فارق الحياة ليزرع بجسد شخص آخر. أما موضوع الاستنساخ البشري، فهو شيء نختلف مع رؤية الكاتب جلبي له، وأحسبه تجاوزاً للخطوط الحمراء!. ومن المعلوم أن البويضات الملقحة استنساخياً تزرع في ارحام العشرات من النساء أملاً في أن تكلل الجهود بنجاح حالة واحدة، إذ ان أغلب حالات الحمل بهذه الطريقة تنتهي باجهاض جنين ميت، أو مولود ذي عاهات خلقية.