سجل الحفريات فشل في إعطاء دلائل مؤكدة على صحة نظرية داروين

TT

تركيب المخلوقات الحية في احوال اكتمالها هو نفسه الذي قاد تشارلز داروين، بوصفه متعاملا مع معلومات لا سرية فيها، الى ان يكون عدوا للتطور وعدوا لدودا لنظريته، وان يفتح الباب بالتالي لاتباعه لأن يعادوا النظرية بأشكال مختلفة، منها العداوة السافرة والمروق، ومنها الغاء النظرية الام بنظريات أخرى ليس اقلها نظرية «التوازن المتقطع» او التطور السريع التي نشأت بعد ان فشل سجل الحفريات على مدى اكثر من قرن بعد نشر كتاب «اصل الانواع» في 1859 في ان يفي بمعلومات تساعد على اثبات النظرية.

وربما بقاء داروين حتى اليوم ملء الاسماع والابصار مرده انه لم يحدد في ما كتب مكانه الحقيقي ولم يحدد حدود نظريته. فتجد ان الاصوليين المسيحيين والآخرين من الاديان الأخرى يستشهدون بأقواله في تدعيم فكرة الخلق ووجود الله ونفي اي عمل للصدفة التي اعتبرت في عصره الدافع الرئيسي الذي حرك الاحياء في موكب ما زال ضجيجه يصل الى مسامعنا. فنسمع بين حين وآخر من يستشهد بقول داروين في نهاية اصل الانواع عن الجلال الذي ينبع من النظر الى الحياة والى قواها المتعددة، تلك التي نفخها الخالق لاول مرة في عدد قليل من الكائنات او في كائن واحد. ولم تجن على داروين فقط اقواله التي دللت على ان التطور مسألة تاريخ وجهود لن تهدأ، بل جنت علىه كذلك افعاله، فاقتدى الكثيرون برحلته على ظهر الباخرة «بيجل» الى المجهول والمعروف في مناطق أخرى لم يزرها من مناطق العالم، فاخرجوا الملايين من العظام المدفونة وفحصوها ولم يجدوا دليلا مؤكدا في اعماق الارض التي حفظت اسرار الاحياء الى يومنا هذا يؤشر على صحة التطور. وداروين نفسه كان يعرف عيوب نظريته، فبعد ان احرجه سجل الحفريات صدمته من جهة أخرى فكرة (الصدفة) عندما فحص اجزاء من الجسد البشري، ووجد انها مركبة من اجزاء كالعين مثلا، فاعترف بالمشكلة، وكتب قائلا «ان الافتراض بأن العين يمكن ان تكون تشكلت بطريقة تطورية يبدو، واعترف بصراحة، منافيا تماما للعقل».

ولا ينكر احد عمق ايمان داروين بأسرار الحياة وهو الذي سعى مغامرا لكشفها، وقلة من الناس ينكرون ان نظريته كانت منذ بداية نشرها نظرية خيالية، ولذلك لن يستغرب احد ان محاولات حل مشاكلها المستعصية في العصر الحاضر كانت ايضا خيالية. فها نحن نسمع، بعد ان خلت بعض طبقات الارض من اثار كائنات، ان الحياة انما نشأت في الفضاء الخارجي قبل ان تستقر في النهاية على كوكب الارض. واستعمل علم الجينات لتبرير الطفرة بعد استحالة مسألة التطور البطيء وخلو طبقات الارض من الوسائط بين الكائنات مع ان وظيفة المورثات الاساسية هي الحفاظ على الانواع وليس خلق انواع جديدة.