أفغان أستراليا قدموا مبكرا على ظهور جمالهم

TT

قد لا يعرف كثير منا أن هناك علاقة قديمة ربطت بلاد الأفغان (أفغانستان) بأستراليا أو الجزيرة القارة المترامية الأطراف، التي اكتشفها الرجل الأبيض وخطط لمستقبلها بعناية وبعد نظر.

لم تكن أستراليا خالية من البشر عند اكتشافها، بل كان يوجد بها سكانها الأصليون وهم الأبورجيون، بشر بدائيون جداً من أهل البشرة الداكنة، حفاة عراة حياتهم تشبه حياة البشر بالعصر الحجري تماماً، وهؤلاء البشر على الرغم من بدائيتهم مسالمون، أسلحتهم عصي من أغصان الأشجار، يتناغمون مع بيئتهم وما حولهم من الحيوانات والطيور بانسجام تام. وقد استقبل هؤلاء البسطاء جحافل المستوطنين بفضول الأطفال ورقصوا لهم وقدموا لهم ما اعتقدوه كرم وفادة من سحالي مشوية أو كناغر وطيور حية.

وبمجرد أن توطدت أقدام الغرباء باشروا بإقامة المستعمرات والاستيلاء على الأراضي الخصبة وزحفوا على كل شيء وأحرقوا الغابات وعمدوا إلى إجلاء الأبورجيين عن أراضيهم قسراً.

وآتت الأرض البكر ثمارها وفتحت المناجم وتدفقت منها المعادن والجواهر وساد الأصفر الرنان (الذهب) على أفكار المجتمع، وسلب لبّ المغامرين وفتحت الشهية والشره، لكن اتساع وتباعد الأرض دعيا إلى طلب المساعدة لاكتشاف مزيد من مكامن الثراء بالمناطق النائية والمجاهل ومنها شبه الصحراوية، وهنا برزت الحاجة لسفينة الصحراء (الجمل)، لكن الأوروبيين لم يكن لديهم الإلمام بتسيير هذا الحيوان الشامخ الرأس والشديد المراس، وكان عليهم طلب المعونة من أقاربهم المتمركزين بالهند بحكم أن الجميع يتبعون علماً واحداً، وكانت الاستجابة من حكومة الهند البريطانية آنذاك، بأن شحنت مجموعة من الإبل، ثم أرفقتها بجمالين يحسنون التعامل مع هذه الحيوانات النبيلة وهم من الأفغان، وبهذا وصل أول فوج أفغاني لأستراليا وإن لم يكن مهاجراً تقليدياً، لكنهم ضرورة فرضتها الجمال التي بفضلها تعمق الإنسان الأبيض في مجاهل استراليا وحصد المزيد من الغنائم. والجمالون الأفغان كانوا أول فوج يصل لاستراليا من غير البيض، ولم يندمجوا بسهولة في مجتمعها للتنافر الثقافي.

وقد تأقلمت الجمال مع أجواء استراليا وبيئتها بصيفها وشتائها المعكوسين، ثم تقاعدت عن الخدمة تاركة المجال للقطارات والعربات السريعة، وبحكاية الجمال الاسترالية نعرف أن الأفغان وكما تشير المصادر، وُجدوا في استراليا في القرن التاسع عشر، وأنهم قدموا خدمات استكشافية قيمة استفاد منها مجتمع المستوطنين الأول.