تحالف قرنق ـ مشار وإثارة البلبلة

TT

التحالف الذي عقد بين جون قرنق ورياك مشار، لتكثيف جهودهما وتوحيد صفوفهما، ليته كان من أجل الوفاق والسلام الوطني، وليس من أجل حربهم ضد الحكومة، وإن كان تحالفهما لا يعني بالضرورة التفوق عسكرياً على القوات الحكومية بتشكيلهما قوة عسكرية جزئية من بعض أفراد القبيلتين اللتين ينتميان إليهما. فهما يعلمان بأن قوات الحكومة السودانية هي القوات النظامية التي تنتمي إلى الوطن ولا تنتمي إلى قبيلة أو حزب أو حاكم بعينه. هذه القوات السودانية في مسماها، والوطنية في تكوينها، لا يمكن لأي قبيلة شمالية أو جنوبية، مهما كثر عدد أفرادها، وأرادت أن تنحرف عن الوحدة الوطنية، أن تتفوق عسكرياً على القوات المسلحة الوطنية لا لشيء، لكن لأن وحداتها العسكرية تتكون من أفراد ينتمون إلى جميع القبائل في السودان، ومنهم قبيلتا الدينكا والنوير اللتان ينتمي إليهما كل من رياك مشار وجون قرنق.

إن أعداء الأمس إذا اتفقوا على التحالف اليوم، فإنهم لا بد أن ينقلبوا على أنفسهم غداً، كما فعلوا بالأمس مع كل من تحالفوا معهم، ومن ضمنهم الحكومة نفسها والتجمع الوطني المعارض، لأن الهدف الأساسي من تكوين هذه القوات المتمردة، هو بسط السيطرة والنفوذ الشخصي، على أبناء جلدتهم القبلية في حدود مضاربهم فقط لأنهم لا يستطيعون أكثر من ذلك، وليس على أبناء جلدتهم الوطنية الذين ينتشرون في جميع مناطق السودان المختلفة، وهذا يدل على أن تحالفهم هو تحالف خال من المعنى والمضمون، وليس له سوى مأرب واحد، وهو إثارة البلبلة وعدم الاستقرار في مضارب قبائلهم الجغرافية، ليظل أفرادها سابحين في بحار التخلف والجهل والجوع، وتفقد بذلك مناطقهم فرص التنمية ويسودها الإهمال بسبب الحروب الدائرة فيها منذ أكثر من عقدين من الزمان، فتظل هذه القبائل ومناطقها الجغرافية في حالة عدم استقرار قائم ودائم، ويفقد أبناؤها حظهم من التعليم والرعاية الصحية وتعطيل مشاريع البنية التحتية لمدن الجنوب، اضافة الى التخلف عن مواكبة التقدم العالمي والإقليمي لتثبيت استقرار تلك المناطق، بينما يستمتع الرجلان وأعوانهما وعائلاتهم بحرية الحركة والحياة والتعليم داخل وخارج السودان. فهل يدرك أبناء قبيلتي الدينكا والنوير هذه الحقيقة أم لا؟ وهل يدركون الأثر الضار الذي سيخلقه هذا التحالف؟.