انضمام مشار إلى قرنق.. استراتيجي أم تكتيكي؟

TT

تعليقا على ما نشر في صحيفة «الشرق الاوسط» عن انضمام الدكتور مشار، الذي انفصل عن جون قرنق، وكان مهندس اتفاقية الخرطوم للسلام وقال في قرنق ما لم يُقل وصرح بأنه اي قرنق دكتاتوري ولا يرغب في تحقيق السلام، اقول:

الوحدويون في السودان الذين يريدون وحدة السودان وتحقيق الوفاق بين ابناء السودان في شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها رحبوا بتصريحاته هذه، رغم انه كان قد غادر السودان، حيث مكث فترة طويلة في نيروبي شن خلالها هجوما على مناطق وجود النفط في جنوب البلاد، تحت ضغوط أميركية وكنسية، اعلن مشار عن انضمامه لقرنق. والذين لا يعرفون الجغرافيا القبلية للسودان حتى من بين السودانيين يعتقدون خطأ، او نتيجة سوء فهم، ان انضمام مشار سيؤدي الى تحقيق السلام والوفاق في ربوع السودان. نحن لا نشاطرهم الرأي ونقول صراحة ان هذا الاتفاق لن يؤدي لتحقيق السلام في السودان، بل الى اطالة امد الحرب الاهلية فيه، فقرنق ينتمي لقبيلة الدنكا ومشار لقبيلة النوير، وليس بين القبيلتين لغة مشتركة، ولا دين مشترك، بل تتهم قبيلة النوير وقبائل اخرى في جنوب البلاد قبيلة الدنكا بالرغبة في فرض هيمنتها عليها.

وقد لا يعلم الكثيرون خارج السودان ان الذين يحكمون ومنذ اتفاقية اديس ابابا عام 1972والى اليوم هم ابناء جنوب البلاد الذين كان في مقدورهم، لا سيما نخبهم المثقفة امثال بونا ملوال الذي شغل منصب وزير الاعلام المركزي ابان الحكم المايوي، والقاضي ابيل الير، وفرانسيس دينق وغيرهم، ان يعملوا على تنمية جنوب البلاد وتحقيق السلام والانسجام القبلي لا سيما انهم يعرفون اكثر من غيرهم ان الصراعات الموجودة بين القبائل في جنوب البلاد عميقة ومتجذرة، وتحقيق السلام هو الطريق الوحيد لتحقيق الوفاق والانسجام والتعايش القومي في ارجاء السودان كافة.

ومن هذه الزاوية، فإن لقاء سويسرا وان نجح تحت الضغوط الامريكية المكثفة، لن يؤدي لتحقيق السلام في السودان لا سيما ان هذا اللقاء يهدف فقط لوقف اطلاق النار في جبال النوبة، ومثل هذه الحلول الجزئية لن تؤدي لتحقيق السلام في السودان بل ستؤدي الى تقسيمه الى غيتوهات يحارب بعضها بعضا.