حتى لا تكون اتفاقية سويسرا مدخلا لتدخل عسكري في السودان

TT

نأمل الا يكون مصير اتفاقية سويسرا، التي وقعتها الحكومة السودانيه مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، والقاضية بوقف اطلاق النار في مناطق جبال النوبة بغرب السودان، والتي وردت بنودها في جريدة «الشرق الأوسط» في عددها الصادر بتاريخ 20/1/2002، كمصير سابقاتها من الاتفاقات التي توصلت اليها الحكومة والحركة الشعبية خلال السنوات العشر الفائتة من عمر حكومة الإنقاذ، وذلك من حيث عدم الجدية في تنفيذ بنودها ومتطلباتها. فتاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان مليء بالمرواغة والمماطلة وعدم الجدية في احترام الاتفاقات والتعهدات التي تبرم معها، لكن يبدو ان هذه المرة، ان من شأن عنصر الرقابة الدولية، الذي نصت عليه هذه الاتفاقية، ألا يتيح للحركة مجالا للتراجع عن تعهداتها اذا أحسن اختيار هيئة الرقابة الدولية، ومارست مهماتها بالحياد والنزاهة المهنية المطلوبة، من دون ان تميل الى طرف علي حساب الطرف الآخر. وفي ظني فإن الحركة سوف لن تتمكن، هذه المرة، من افشال هذه الاتفاقية، حتى لا تفقد مصداقيتها لدى بعض الأطراف المتعاطفة مع طروحاتها، مما قد يؤدي لفقدانها الدعم السياسي والمادي والمعنوي الذي توفره لها مثل هذه الأطراف. فعنصر الرقابة الدولية اذا احسن اختياره سيكون بمثابة صمام الامان لتنفيذ بنود الاتفاقية. وينتظر ويؤمل من الحكومة توخي الحذر عند تشكيل هذه الهيئة الرقابية والاصرار على تشكيلها من دول قريبة في ثقافاتها للثقافة السودانية، هذا اذا لم تكن من دول عربية شقيقة، حيث لم تحظ مشكلة حرب الجنوب السوداني، طيلة العقدين السابقين، أو منذ تفجرها في عام 1983، بأية أبعاد رقابية دولية أو اقليمية وليست للسودان خبرات كبيرة في التعامل مع هذا النوع من الرقابة، وحتى لا ينجر السودان في نهاية المطاف، في حال فشل الاتفاق الى تدخلات عسكرية دولية بحجة تطوير وتفعيل الدور الرقابي للهيئة، والتي من المعتقد انها ستكون آلية فنية رقابية محدودة، وحتى لا ندع الباب مفتوحا على مصراعيه للتدخلات الخارجية في قضية ظللنا نحافظ على محليتها العسكرية منذ انطلاقتها.