التقسيم الأميركي للعراق والمنطقة التركمانية

TT

تعقيبا على مقال صالح القلاب المنشور في «الشرق الأوسط» بتاريخ 13 فبراير (شباط) 2002 حول الخارطة التي يذكر انها من عمل السلطات التركية، والتي يظهر فيها العراق مقسما الى اربع مناطق وبأن «زاخو والعمادية ودهوك» تم ضمها الى المناطق التركمانية! واخشى ان يثير مثل هذا الطرح الفتنة بين التركمان والاكراد في الوقت الذي فيه بات واضحا ان الجميع على اتفاق شبه كامل حول مستقبل العراق.

ان مسألة تقسيم العراق مطروحة من قبل الادارة الاميركية منذ سنوات عدة، وهي تقضي بتقسيمه الى ثلاث مناطق على اساس شبه طائفي، وهذه المناطق هي: المنطقة الشيعية «العربية» والمنطقة السنية «العربية» والمنطقة الكردية «القومية»، مما يعني اهمال التركمان بل السير نحو إزالة وجودهم في العراق.. وهذا ما اشرنا اليه في مقالنا المنشور في «الشرق الأوسط» بتاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) 2001، وقلنا حينها: «ان الواقع يفرض ان يكون التقسيم بالشكل الآتي: 1 ـ المنطقة الكردية 2 ـ المنطقة التركمانية 3 ـ المنطقة العربية. فإن كان لا بد من تفريق العرب الى السنة والشيعة، وهو ما لا نستسيغه، إلا انه يستوجب استحداث منطقة رابعة باسم منطقة عرب «الشيعة». وقد قلنا ايضا: «بدورنا نعتقد ان تقسيم العراق بالشكل المخمن ـ الذي تريده الادارة الاميركية ـ او بالشكل الذي يفرضه الواقع، لن يخدم الشعب العراقي ولن يكون في صالحه ولا في صالح دول الجوار».

وما اريد اضافته هنا هو انه في ما لو طالب التركمان بمنطقة خاصة بهم في حالة اقامة نظام فيدرالي في العراق، فإنما يطالبون بها من اجل دفع التسلط الذي سوف ينجم عند بقائهم تحت سلطة كردية في المستقبل.. ولسنا بحاجة الى تقديم الادلة على ذلك. ومع هذا فإن الجبهة التركمانية العراقية الممثل الشرعي لتركمان العراق ـ لم تتقدم بأي مشروع تقسيمي للعراق وتعارض أي مشروع من هذا القبيل، فالجبهة التركمانية تدعم وحدة الاراضي العراقية وتطالب باحلال نظام ديمقراطي برلماني تعددي، على ان يكون للمواطنين التركمان دور معادل لدور المواطنين العرب والاكراد فيه. واذا كانت هناك اطراف تركمانية تتبنى تقسيم العراق الى مناطق فيدرالية، فإن ذلك مجرد آراء شخصية لا تلزم ـ بالضرورة ـ الجبهة التركمانية او الشعب التركماني.

واخيرا، تطرق القلاب الى نسبة التركمان في العراق، وقال: «مع ان الارقام الحقيقية لا تصل حتى نصف مليون»، وضرب مثلا «ان عدد الطلاب التركمان، على سبيل المثال، في كل مدارس وجامعات كردستان العراقية هو 2400 طالب فقط» هنا اود القول: من اين جيء بهذه الارقام وعلى ماذا استند الكاتب في تثبيت صحة ذلك، اذ ان الارقام الاحصائية لسنة 1957، والتي تم الكشف عنها سنة 1959، تشير الى وجود 570 ألف تركماني في الوقت الذي كان فيه مجموع سكان العراق 6 ملايين نسمة. وبمقارنة نسبة التركمان عام 1957 مع النسبة الحالية لمجموع سكان العراق نصل الى رقم مقارب لنسبة التركمان وهو 2.5 مليون نسمة، على اقل تقدير. واما مثله الذي جاء به لدعم ارقامه فهو مردود عليه، لان التركمان الذين يعيشون في شمال العراق لا يمثلون سوى %30 من مجموع تركمان العراق، والباقون منهم %70 يعيشون تحت سلطة بغداد، بغض النظر عن المهاجرين الى خارج العراق. واذا سلمنا بصحة قلة اعداد الطلبة التركمان في المدارس الموجودة في شمال العراق، فإن ذلك لا يعني بالضرورة قلة وجود العوائل التركمانية في المنطقة، فكلنا نعرف بأن ظروف الحصار الاقتصادي قد دفعت العوائل الى اخراج اطفالهم من المدارس كي يتسنى لهم العمل في سبيل الحصول على لقمة العيش. وهو الامر الذي ينطبق على اطفال العرب والاكراد ايضا، فضلا عن عزوف الشباب ـ لأسباب اقتصادية ـ عن الزواج وسفر الآخرين منهم الى خارج الوطن بحثا عن فرص العمل.