الشعارات لن تحرر فلسطين

TT

لا شك بأننا نسمع ما يردده الرئيس عرفات أمام زائريه في سجنه الكبير في رام الله، شعارات لم يكن يرددها يوم كان حراً طليقاً. الصهاينة يوم قرروا إقامة الدولة العبرية على تراب فلسطين لم يطلقوا شعاراتهم في الفضاء بل وقفوا خلف ما كانوا يطرحونه، حتى أنهم شوهوا التاريخ. وأرغموا العالم على تقبل إدعاءاتهم حتى توصلوا إلى ما قصدوه.

وها هي دولة إسرائيل تقوم على الباطل والأضاليل ولا نقوى على دحض أضاليلها، لا بل اننا نتوسل إليها من أجل الوصول إلى الحق،وكيف لا ونحن نختلف حول عقد قمة وعلى من يحضرها. والرئيس عرفات نفسه لا يدري إن كان شارون سيسمح له بحضور قمة بيروت، فكيف سيصل إلى القدس بغير اذن؟ إننا أمة تعيش على الشعارات وتبتلع الهزيمة تلو الهزيمة. وليست هذه دعوة إلى القنوط واليأس والركوع. ولكن للتأكيد على ان تحرير فلسطين لا يكون بالشعارات ولا باستبدال ميثاق لمجرد وعد بالعطاء. إن الذين يفجرون أنفسهم يعيشون اللحظة بين الفشل والانتقام وإذا بهم يختارون الأخير رفضاً للمهانة والاستبداد والتشرد من جديد، اختاروا خيار الاستشهاد بالانتحار لأنه لم يعد لديهم سوى أجسادهم وارواحهم. والشعارات في العالم العربي كالملابس، لها مصمموها وعارضوها ومسوقوها. وإذا كان حزبان أو حركتان في بلد واحد لا يستطيعان بلورة برنامج، ولو مرحلي موحد، فكيف سيتوحد الوطن. وإذا كان حزبان في بلدين لهما نفس الأهداف، بل وربما المبادئ، ايضا، لا يتفقان حتى على اللقاء من أجل هدف قومي يهدد شعبيهما، فكيف ستتحد الأمة؟

لقد ضاعت فلسطين والحناجر تردد الشعارات، وضاعت بشائر الوحدة العربية بعد جمال عبد الناصر، لأننا لم نستطع أن نتوحد حوله وأصبحت الناصرية مجموعة مناصرين لا تحمل من عبد الناصر حتى ذكراه، فكيف بشعاراته. لا يمكن أن تهزم من يناصبك العداء أو المعتدي إلا إذا جابهته بمستوى العداء ذاته والتخطيط ذاته وتسخير الامكانيات نفسها التي يسخرها كي يحول عدوانه إلى استسلام، لذا أتساءل: أين هم من يصدقوننا في العالم، أين من يكن لنا الاحترام في العالم، أين الحرية، أين الاعلام، أين قوة الحق التي تصنع السلام؟