أنا مندهش مثل باول وأسأل: من يكره من حقا؟!

TT

في الصفحة الاولى من جريدة «الشرق الأوسط» العدد 8499 تصريح لوزير الخارجية الاميركي كولن باول يقول: اميركا لم تغز اي دولة عربية لماذا يكرهوننا؟ اما وقد علم واعلن باول صراحة بأن هناك قطاعا كبيرا من العرب يكره الاميركيين فلن اكون اقل منه صراحة.

سوف اتكلم عن سبب واحد فقط وهو موقف اميركا من الصراع العربي ـ الاسرائيلي والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.

انني اختلف مع الكثيرين من العرب، ممن يكتبون عن العلاقات الاميركية ـ العربية، ويعلنون ان الولايات المتحدة تخضع في تصرفاتها وقراراتها لضغط وتأثير اللوبي اليهودي في دوائر صنع القرار الاميركي في ما يخص منطقتنا ونزاعنا مع اسرائيل. والحقيقة انني لا افهم ذلك وازعم ان اسرائيل وانظمة اخرى غيرها مسخرة لخدمة مصالح واستراتيجيات الولايات المتحدة الاميركية في منطقة الشرق الاوسط والعالم بصفة عامة والعكس ليس صحيحا، هذا مع قناعتي بوجود تأثير لهذا اللوبي اكبر من غيره في دوائر صنع القرار الاميركي، فاذا توافقت مصلحة اسرائيل مع الاستراتيجية الاميركية فلا مشكلة، أما اذا تعارضت فلا شك ان الولايات المتحدة سوف تأخذ القرار الذي يخدم مصلحتها فقط، وليس ادل على ذلك من موقف الرئيس الاميركي ايزنهاور من العدوان الاسرائيلي ـ البريطاني ـ الفرنسي، على مصر سنة 1956 (العدوان الثلاثي)، حينما اصدر تحذيره الشهير للدول الثلاث بوقف القتال والانسحاب، طبعا لم يكن ذلك لسواد عيون المصريين وانما كان ايذانا ببدء مرحلة جديدة ونفوذ جديد، ونهاية لاستعمار ونفوذ قديم.

اراد الرئيس ايزنهاور ان يقول للفرنسيين والبريطانيين مع السلامة.. لم يعد هذا الزمان زمانكم ولا المكان مكانكم انا موجود! ولاسرائيل اراد ان يقول لا تفعلي شيئا دون موافقتنا وسوف ادفع الثمن، ولهذا، ومنذ ذلك التاريخ يدفع الاميركيون الثمن لاسرائيل، حاربوا عبد الناصر والناصرية بيد اسرائيل، وقاوموا النفوذ السوفياتي في المنطقة وفي افريقيا.

لقد ذهب عبد الناصر الى جوار ربه وذهبت معه احلام الوحدة العربية، وذهب الروس من منطقتنا وزالت قواعدهم ونفوذهم من كل المنطقة، واندحرت الشيوعية حتى في روسيا نفسها، فلماذا يكرهنا الاميركيون حقا؟ لماذا يدفعون ـ الان ـ بسخاء لاسرائيل؟ لماذا يتغاضون عن اسلحتها النووية والبيولوجية؟ لماذا يعطونها الاحدث من الاسلحة لتضرب بها الفلسطينيين المحاصرين، في الوقت الذي يقيمون فيه الدنيا عليهم بسبب دفاعهم عن وطنهم؟ انني لا اصدق ان الاسرائيليين يرفضون طلبا لاميركا لو ارادت شيئا من العدالة للفلسطينيين! ان جميع دول المنطقة يتطلعون الى علاقات طيبة ووثيقة مع واشنطن وقد ادوا لها كل ما يستطيعون من عون في حرب تحرير الكويت، فماذا قدمت اسرائيل لها؟

اننا دول تلتزم باتفاقياتها وعهودها حتى مع اسرائيل! لينظر الاميركيون فقط الى الحدود المصرية ـ الاسرائيلية، او الاردنية ـ الاسرائيلية؟ او حتى الى الحدود السورية. العرب قرروا ان السلام هو خيارهم الاستراتيجي! ألا يحصل المواطنون الاميركيون على الاحترام في دولنا بمجرد ان يبرزوا جوازات سفرهم؟ الا يستحق الفلسطينيون دولة على ارضهم؟ ان هناك حكمة عربية تقول: من لم يمت بالسيف مات بغيره، ولم يعد لديهم ما يخافون عليه، يشعرون انهم ميتون لا محالة، وان جيش شارون قاتلهم لا محالة؟ فبيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم وسيارات الاسعاف تقصف بالطائرات والصواريخ ثم يقولون عنهم ارهابيين! ويمنعون اصدار مجرد قرار من مجلس الامن لارسال قوات لحفظ السلام والامن في ارضهم المحتلة؟! آسف ايها الوزير باول انتم الذين تكرهوننا فعلا!