«عمولة» من أجل المواطنة

TT

سافرت عبر الخطوط الايطالية من ميلانو الى دبي واتاح لي ذلك فرصة الالتقاء بمجموعة من الشباب تبين لي انهم يكونون فرقة موسيقية، وسوف يتواجدون في دبي لفترة محددة لا تتجاوز ستة اشهر. تتشكل المجموعة من جنسيات مختلفة بين افرادها، شاب اميركي من اصول مكسيكية وآخر لبناني.

وقد روى لي الشاب المكسيكي انه كان احد الجنود الذين شاركوا في حرب. وانه اضطر الى ذلك، لكي يتمكن من متابعة دراسته. قال انه لم يكن يمتلك رسوم التعليم وان عليه ان يتقدم للخدمة العسكرية كنوع من المقابل او البديل.

التجربة كانت صعبة وكئيبة جعلته طريح الفراش لستة اشهر. كان المكسيكي يتحدث بمرارة، وهو يعكس مشاعر الود تجاه العرب ومعاناة الاميركيين من اصول لاتينية والعنصرية ضد السود وعن صعوبات الحصول على جواز سفر اميركي، كنت انصت بعمق واتأمل ملامح الرجل، الموسيقار، العسكري سابقا انتقل من خلال عينيه الى العالم اللاتيني، بينما هو بين اهله او في حيه الفقير يداعب الكرة بقدمه اليمنى او اليسرى او يرقص منتشيا على ايقاع التانجو، الى ان خامرته نزوة او فكرة العبور من ذلك المعبر القاتم السواد، حيث تسقط ارواح برصاص قناصة الحدود.

كان عليه ان يؤدي ضريبة الانتماء للولايات المتحدة الاميركية، وان يقدم «عمولة»، حتى يمنح فرصة التعليم.

ماذا يعني ان تكون مهاجرا او لاجئا؟ كتب المكسيكي على صفحة في مذكرة بين يديه عنوان الفندق الذي سينزل فيه ورقم الهاتف، واسماء الاصدقاء وطلب مني بالحاح ان اعاود الاتصال به ليواصل احاديثنا، لكني فضلت الانزواء وحدي، اتأمل السحاب وارتفاع الطائرة وعلاقته بقدرة الجناح على خفض توازنها. الطائرة على وشك الهبوط، يرجى ربط الاحزمة، ودعت الاصدقاء وتمنيت لهم قضاء اوقات سعيدة في هذه المدينة الجميلة «دبي».