العلاقات السودانية ـ الأميركية في الميزان

TT

تعقيباً على ما نشر في صحيفة «الشرق الأوسط» يوم الثلاثاء الموافق 30/4/2002 بعنوان «اميركا تردع السودان من معسكرات تطوع للفلسطينيين»، منذ سنوات ونحن ندعو كل السودانيين في كافة ولايات البلاد الى ان يوحدوا صفوفهم وان ينسوا خلافاتهم وان يتمسكوا بوحدة بلادهم لا سيما ان القواسم المشتركة بينهم عديدة، ولكن بكل أسف، نحن في سبيل تحقيق مصالحنا الذاتية الفانية وفي سبيل تحقيق الديمقراطية التي لا يؤمن بها البعض في السودان، والتي لم نجسدها في حكمنا للبلاد والعباد، نعمل على تمزيق وحدة السودان، وذلك عن طريق تبنينا فكرة منح حق تقرير المصير لجنوب بلادنا وننسى في غمرة حبنا للسلطة والبقاء فيها الى ان يرث الله الأرض ومن عليها، إن منح أي ولاية من ولايات السودان حق تقرير المصير، وطبقاً لنظرية الدومينو، سيؤدي الى تحويل السودان الى جيتوهات تحارب بعضها البعض، وسيشكل سابقة خطيرة في القارة الافريقية لا سيما ان لكل دول القارة جنوبها، بالاضافة لما سبق فانه سيؤدي، في تحليله النهائي، لبلقنة وصوملة القارة، ولتفادي مثل هذه المخاطر عمل الحادبون على مصلحة السودان والقارة الافريقية على تقديم مبادرات ترمي لاحلال السلام في ربوع السودان.

ولكن نحن في السودان شغلنا انفسنا بموضوعات انصرافية مثل: هل نحن عرب أم أفارقة، ومن أين دخل الاسلام في السودان، الى آخره، ولم نستفد من تجاربنا السابقة في الحكم ولا من تجارب الآخرين.

يقول كاتب المقال الذي أعلق عليه «بالطبع من حق المرء ان يتساءل اذا كانت الحكومة تستجيب لكل ما تطلبه الولايات المتحدة فلماذا لا تجد المقابل الذي يتكافأ مع تلك الاستجابات بل يبدو انها تحصد الحصرم» أقول لكاتبنا القدير ان تقرير المبعوث الرئاسي جون دانفورث الذي يؤكد بأن تقسيم السودان الى دولتين امر غير واقعي في اطار تحقيق السلام.

ما جاء في هذا التقرير في اعتقادي اعظم مكافأة للسودان وللسودانيين، لأنه يؤكد لأول مرة تمسك الولايات المتحدة الأميركية بوحدة السودان. هذه الوحدة التي بكل أسف نعمل على تمزيقها. ماذا كنا سنفعل لو ان تقرير جون دانفورث ضمن ضرورة قيام دولتين في السودان؟ لا سيما نحن كاتصاليين نعمل في وسائط الاتصال وحكومة ومعارضة ظللنا عاجزين عن تحقيق اي تقدم نحو السلام في البلاد، واكتفينا بتبادل الاتهامات فيما بيننا والترديد حول ضرورة مزج المبادرة الليبية ـ المصرية ومبادرة الايقاد. ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على تقديم المبادرات وتنفيذها بما يخدم في المقام الأول مصالحها.

صفوة القول الكرة الآن في ملعب السودانيين سواء اكانوا في المعارضة او الحكومة او زعماء الأحزاب او العاملين في مختلف ميادين صناعة الكلمة لتأييد الموافقة على ما جاء في التقرير المشار اليه لا سيما انه ليس امامنا خيار غيره لضمان وحدة السودان وعلينا ان نبتعد عن المزايدات والعنتريات في سبيل وحدة بلادنا. وفي هذا الاطار كنا نأمل ان يعلن الحزب الحاكم ان وحدة السودان هي الهدف الاستراتيجي وليس ترك مدة الرئاسة مفتوحة الى ان يرث الله الأرض ومن عليها لا سيما ان هذا المد يتنافى مع التعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة والديمقراطية التي نتحدث عنها صباح مساء ولا نجسدها في الواقع العملي.