هل حققت حرب شارون أهدافها؟

TT

لا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليدرك ان الادعاء الاميركي بمحاربة الارهاب ما هو الا غطاء تحاول اميركا استغلاله. وتندرج في هذا الاطار الحرب الشارونية في فلسطين انفاذا للحلف المقدس بين الادارة الاميركية والكيان الصهيوني وتعاطف العالم مع اميركا بعد حوادث سبتمبر المعروفة، وكان طبيعيا ان يعتصر الاسى الرئيس الاميركي وهو يرى الدمار الذي لحقق ببرجي التجارة والجثث المدفونة تحت الانقاض وقرر معاقبة ما اعتقدهم بالمعتدين وهو يصرخ «نريد افعالا لا أقوالا». دبابات شارون جرفت مدنا بأكملها ودفنت سكانها تحت انقاضها والرئيس الاميركي يدين فتاة فجرت نفسها ردا على افعال شارون الوحشية.

في ظن البعض ان العداء السافر لاميركا غير مستحب في الظروف الدولية الراهنة، ولكن وبنفس القدر فإن الرضوخ ايضا مرفوض. واذا ذهبنا مع البعض بأن السياسة هي «فن الممكن» فإن العالم العربي يمتلك الكثير من الممكن الذي لم يحسن استغلاله. واذا كانت القيادة الفلسطينية تطمع في دعم خارجي يشد من ازرها، فإن هذا الدعم لن يتأتى الا بالصمود الداخلي، كما صمد مانديلا 27 سنة في حبسه الانفرادي غير مكترث للتهم التي حاولت بعض الدوائر ان تلصقها به.

يخيل لي انه من المهم ان ندرك ان الصراع في الشرق الاوسط يغلب عليه الطابع السياسي اكثر من الطابع العسكري، والنصر العسكري ليس هدفا في حد ذاته، بل هو آلية أو أداة يطمع المنتصر في تحقيق كسب سياسي لاحق عندما تفشل الآليات الأخرى. كانت أهم نتيجة لهزيمة المحور في الحرب العالمية الثانية ازالة الخطر عن الطابع السياسي للديمقراطيات الغربية. فالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 لم يكن هدفه فقط ازاحة الرئيس عبد الناصر عن السلطة، بل كان تغيير النظام السياسي بأكمله. وفشلت اميركا في فيتنام لانها ادركت ان النصر العسكري، لو قدر له ان يتحقق، لن يؤمن لها النصر السياسي الذي كانت تطمع فيه، وقبلت بالتفاوض عوضا عن تحمل تكاليف الحرب بلا طائل.. لاحقا نجحت اميركا في تحقيق ما أظنه أكبر نصر سياسي لها بتفكيك المعسكر الاشتراكي.. وبلا حرب.

ربما ينتصر شارون عسكريا في هذه الحرب بالوكالة، ولكن يظل هذا النصر عديم الجدوى ما لم يتبعه النصر السياسي الذي يطمع فيه.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه العالم العربي.